كشفت "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات الإيرانية شنّت حملة من المضايقات والانتهاكات ضد عائلات الأشخاص الذين قتلوا في حادث إسقاط الحرس الثوري الإيراني لطائرة ركاب أوكرانية 752 في يناير/كانون الثاني 2020.
وتحدثت هيومن رايتس ووتش إلى 31 من أفراد عائلات الضحايا وأشخاص لديهم معرفة مباشرة بمعاملة السلطات للعائلات. وقالوا إن الأجهزة الأمنية الإيرانية احتجزت تعسفيا واستدعت واستجوبت بشكل مسيء وعذّبت وأساءت معاملة أفراد عائلات الضحايا بأشكال أخرى.
وأشارت إلى أن الجهات المسؤولة لم تٌعد ممتلكات الضحايا إلى أقاربهم، وتدخلت في مراسم الدفن والتأبين في محاولة على ما يبدو للحد من جهود المساءلة.
وقال نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، مايكل بَيْج: "قتل الحرس الثوري الإيراني 176 شخصا دون ذرة من المساءلة، والآن تمارس الأجهزة الأمنية الإيرانية التعسفية انتهاكات بحق أقارب الضحايا من أجل سحق أي أمل في العدالة. بدلا من محاولة استعادة ثقة الناس من خلال تحقيق شفاف وإنصاف العائلات، تُسكِت السلطات مجددا الجهود الرامية إلى تحقيق المساءلة"
في 6 أبريل/نيسان 2021، أعلنت السلطات الإيرانية أنها وجهت لائحة اتهام إلى عشرة أشخاص لدورهم في الحادثة، لكنها لم تقدم أي معلومات علنية عن هوياتهم أو رتبهم أو التهم الموجهة إليهم.
وقالت السلطات الإيرانية إن "خطأ بشريا" من قبل مشغل صواريخ أدى إلى إطلاق صاروخين أرض – جو على الطائرة. لكن السلطات لم تكشف عن أدلة حاسمة تدعم الادعاء ولم تقدم أي تفاصيل عن تحقيقها القضائي. أعلن مجلس الوزراء أنه خصّص 150 ألف دولار لتعويض أسرة كل راكب.
وأكدت المنظمة أن السلطات ضايقت أفراد عائلات الضحايا وأخافتهم. وقال الأقارب إن السلطات تدخلت في عدة حالات في مراسم الدفن والتأبين، وضغطت على العائلات لقبول وصف الحكومة لأحبائهم بأنهم "شهداء"، ونشرت صورا ومقاطع فيديو دون إذن من الأهالي أثناء المراسم.
وذكر 16 شخصا على الأقل أن الأجهزة الأمنية هددتهم لمنعهم من المشاركة في مقابلات مع وسائل إعلام أجنبية، أو تتبعت أو استدعت أقاربهم أو أصدقائهم الذين حضروا التأبين، وصورت من حضر هذه المراسم. في بعض الحالات، استجوبت قوات الأمن أو احتجزت أفراد الأسرة لعدة ساعات.
في حالة واحدة على الأقل، عذّبت السلطات شخصا رهن الاحتجاز وأساءت معاملته. في حالة أخرى، طلب رجال أمن يرتدون ملابس مدنية مقابلة أحد أفراد الأسرة كان قد انتقد تصرفات السلطات في مكان عام وهددوا ذلك الشخص بالملاحقة القضائية.
في ثلاث حالات على الأقل، هددت السلطات أفراد الأسر بـ "العواقب" ما لم يحذفوا منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد غياب المساءلة من قبل الحكومة.
وقال شخص من أسرة أحد الضحايا إنه قبل نصف ساعة من مراسم التأبين، اتصلت المخابرات وطلبت منهم إلغائه. وتابع: "قررنا عدم إلغاء التجمع. لكن يمكنك أن تتخيل مدى التوتر الذي تعرضنا له في كل لحظة لأننا كنا قلقين من أن يقول شخص ما شيئا سياسيا [ويقعون بمشاكل مع السلطات]".
وأشار بعضهم إلى أن السلطات أعادت وثائق مهمة إلى الضحايا، لكنها لم تُعد أي أشياء ثمينة، مثل المجوهرات والأجهزة الإلكترونية.
بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، السلطات الإيرانية مُلزمة بالتحقيق في حالات الحرمان غير القانوني من الحياة ومقاضاة مرتكبيه، وفرض العقوبة المناسبة، وتقديم سبل انتصاف كاملة للضحايا وعائلاتهم.
وبحسب المنظمة، تُظهر المقابلات مع أفراد الأسر وغيرهم ومراجعة المعلومات المتاحة أن مضايقات الحكومة وترهيبها للعائلات استمرت طوال الـ 14 شهرا الماضية خلال سعي العائلات لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة والمساءلة.
جواد سليماني، الذي فقد زوجته إلناز نبيي في إسقاط الطائرة، قال إن فرع وزارة المخابرات في مدينة زنجان شمال غرب إيران، استدعاه بعد أن انتقد صلاة الجمعة في المدينة خلال مراسم تأبين زوجته. واستدعت محكمة ثورية أحد أفراد الأسرة لمواجهة اتهامات بسبب انتقادات علنية لدور الحرس الثوري وسلوك السلطات اللاحق.
الحرة