تشهد مناطق سهل نينوى أزمة جديدة في ظل صراع محتدم على المناصب الإدارية بين القوى الموالية لإيران من جهة، والحزب الديمقراطي الكردستاني من جهة ثانية، وسط محاولات من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني انتزاع فتيل الأزمة التي يخشى من خروجها عن السيطرة وتهديدها للسلم الأهلي في المنطقة.
ولطالما شكل سهل نينوى، الواقع شرقي الموصل مركز محافظة نينوى، مصدر توتر بين القوى الموالية لإيران، والأكراد، بالنظر للأهمية الإستراتيجية التي تحظى بها هذه المنطقة مختلطة الأعراق، والتي تضم فسيفساء من المسيحيين والعرب السنة، والأكراد والشبك والإيزيديين.
ويكتسي سهل نينوى الذي يضم بعشيقة والحمدانية وبرطلة وبغديدا وقره قوش والنمرود وتلكيف ووانة والقوش وفايدة، إلى جانب مناطق مخمور والشيخان، أهمية كبرى لكونه يمثل الحد الفاصل بين مدينة الموصل ومحافظتي أربيل شرقا ودهوك شمالا، التابعتين لإقليم كردستان، فضلا عن قرب السهل من الحدود السورية.
وعقب الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، عمدت قوات البيشمركة الكردية إلى وضع يدها على سهل نينوى، إلى حين اجتياح تنظيم داعش للمنطقة وباقي أنحاء المحافظة في العام 2014.
ونجحت فصائل الحشد الشعبي في استعادة السهل من داعش في العام 2016، وقد حاولت قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي العودة إلى المنطقة، لكنها فشلت في ذلك، بعد فرض الحشد الشعبي سيطرته بالكامل على المنطقة في العام 2017، وأجبر عناصر البيشمركة على التراجع إلى حدود محافظتي دهوك وأربيل، لكن تم الإبقاء على العديد من الوحدات الإدارية الكردية في المنطقة، وتحاول القوى الموالية لإيران اليوم على ما يبدو ضرب هذا الوجود الكردي، لفرض سيطرتها المطلقة على السهل.
وفي موقف جديد اعتبر النائب والقيادي في حشد نينوى وعد القدو، ان عودة قوات البيشمركة الى مناطق سهل نينوى "مرفوض" حتى لو كلف دماءً.
وقال القدو ان "الوضع الامني في مناطق سهل نينوى مستتب ولا حاجة لعودة قوات البيشمركة لها"، لافتا الى ان "اثارة الموضوع بين فترة واخرى يخلق هواجس القلق لدى الاهالي خاصة وان البيشمركة ارتكبت الكثير من المخالفات السلبية التي لاتزال عالقة في اذهان الناس وتشكل صورة سوداء".
واضاف، ان "قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني تركت مناطق سهل نينوى بعد 2014 تاركة خلقها الاهالي لقمة سائغة امام داعش الارهابي"، لافتا الى ان "الوضع الامني مستقر في كل مناطق السهل ولا يفهم اصرار حزب الديمقراطي للعودة مرة اخرى رغم كل السلبيات التي رصدت بوجوده قبل سنوات في هذه المناطق".
واشار الى ان "الالحاح من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني بعودة البيشمركة هدفها التمدد وفق مبدأ جيوسياسي والهيمنة على مقدرات هذه المناطق التي هي جزء من نينوى"، لافتا الى ان "ما يحدث مرفوض من قبل الاوساط الاجتماعية والعشائرية والنخب لكل المكونات ولن تعود البيشمركة مرة اخرى حتى ولو كلفنا ذلك الدماء".
ويرى المراقبون أن محاولات تحييد الحزب الديمقراطي الكردستاني عن الإدارة في مناطق سهل نينوى في هذا التوقيت لا تخلو أيضا من حسابات انتخابية في علاقة بانتخابات مجالس المحافظات، التي من المنتظر إجراؤها قريبا. وانتقد نواب كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني عن نينوى، في وقت سابق محاولات بعض الأطراف إرباك الأوضاع في المحافظة أمنيا ومجتمعيا من أجل تحقيق أهداف انتخابية.