العراق

بين قرار المحكمة إقالة الحلبوسي والحديث عن تأجيل الإنتخابات…العراق إلى أين؟

بين قرار المحكمة إقالة الحلبوسي والحديث عن تأجيل الإنتخابات…العراق إلى أين؟

يجري الحديث جدياً في العراق عن تأجيل الانتخابات إلى العام المقبل، أو دمجها مع الاقتراع العام لانتخاب برلمان جديد مستمر منذ أشهر، بعد إعلان زعيم التيار الصدري "أوامر مشددة لأتباعه بعدم التصويت"، وتفاقمت أكثر مع قرار قضائي أطاح برئيس البرلمان محمد الحلبوسي من منصبه ومقعده النيابي.

ويميل سياسيون، حتى من "الإطار التنسيقي"، إلى تأجيل موعد الاقتراع، ويقدمون مواعيد جديدة مقتَرَحة، أقربها في ربيع العام المقبل، لكنهم يصطدمون بطموحات وحماسة قادة، مثل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وزعيم حركة "العصائب"، قيس الخزعلي.

وأُلغيت مجالس المحافظات عام 2020، حين صوَّت البرلمان العراقي على إنهاء عملها استجابة لمطالب الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، قبل أن تقر الكتل السياسية إعادتها عبر انتخابات محلية، وفقاً للاتفاق السياسي الذي شكل حكومة محمد شياع السوداني، عام 2022.

وتصاعدت أهمية مجالس المحافظات لدى قوى أساسية في "الإطار التنسيقي"، بسبب غياب التيار الصدري عن المعادلة الشيعية؛ إذ يرغب خصوم الصدر في الاستحواذ على مناطق نفوذ إضافية، حتى التي كان يسيطر عليها التيار الصدري.

وتُظهر تلك القوى رغبة عارمة في فعل ما يلزم لتجريد الصدر من مصادر قوته في المؤسسات الحكومية والأمنية، تحسباً لعودته إلى العملية السياسية. في الحقيقة تريد هذه القوى جعل المهمة شاقة عليه، حينما يشارك في الانتخابات العامة.

ووجَّه الصدر ضربة كبيرة للانتخابات المحلية، لا سيما على صعيد التنافس بينه وبين قوى "الإطار التنسيقي"، حين ألزم اتباعه، الاثنين الماضي، بعدم المشاركة في الانتخابات، وقال إن "مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيراً... ومقاطعتكم للانتخابات أمر يفرحني، ويقلل من شرعية الانتخابات دولياً وداخلياً".

وفي وقت لاحق، وجَّه المسؤول العام لـ"سرايا السلام"، تحسين الحميداوي، تحذيراً إلى تشكيلات "السرايا" بشأن انتخابات مجالس المحافظات. وقال: "أوجه كلامي لمن ينتمي لتشكيلات السرايا وزج بنفسه في هذه الانتخابات. عليه أن يتراجع عن ترشيحه خلال 15 يوماً، وإلا فسيكون لنا رد آخر".

وبالإضافة الى المواقف السياسية وصلت معطيات مقلقة من الميدان تعزز هذه التصورات؛ إذ شهدت مدن مختلفة، أبرزها النجف، حوادث تمزيق لافتات دعائية لقوى منافسة للصدر، وقال مدنيون عراقيون تداولوا مقاطع فيديو لمجموعات مجهولة قيل إنهم موالون للصدر، بينما يقدر نواب في "الإطار" هذه التحركات المحدودة الآن بأنها "مقدمة لما سيحدث كلما اقتربنا من موعد الانتخابات".

وخلال مداولات محدودة داخل "الإطار التنسيقي"، عُقدت اليومين الماضيين، فإن أحد أعضاء التحالف اقترح تشكيل وفد إلى الحنانة للقاء الصدر أو مقربين منه للحصول على ضمانات بشأن ما سيحصل، أو على الأقل جس النبض واكتشاف "خطة الصدر"، لكن قيادات في "الإطار" رفضت هذه الفكرة جملة وتفصيلاً.

ونقلت مصادر عن قيادات في "الإطار"، إنها "ترفض الاستسلام لضغوط الصدر"، وقال أحدهم: "المكوِّن الشيعي أكبر من التيار الصدري".

ومع ذلك، تصاعدت الأصوات الداعمة لتأجيل الانتخابات، بعد زلزال إقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بقرار مفاجئ من المحكمة الاتحادية. وفي حين بدأت اليوم فعلياً أجواء "تصفية حسابات" بين الفرقاء، يميل سياسيون عراقيون إلى أن هذين الحدثين، مقاطعة الصدر وإقالة الحلبوسي، سيتحولان إلى كرة نار ستخرق صيغة الاستقرار التي يستند إليها "الإطار التنسيقي"، منذ أن شكّل حكومة السوداني.

وفي موضوع رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي أكد الخبير في الشأن القانوني محمد مجيد الساعدي، إن صلاحيات المحكمة الاتحادية العليا مطلقة، بما في ذلك انهاء عضوية أعضاء مجلس النواب، اذا ما وجدت عليهم خروقات قانونية ودستورية.

وقال الساعدي، ان "المحكمة الاتحادية العليا تستمد صلاحياتها من استقلاليتها ومصدر احكامها وقدرتها دستورية بصفة الالزام والبتات في قراراتها على كافة السلطات حسب ما نصت عليه المادة 94 من دستور العراق لسنة 2005".

وأضاف انه "واهم من يعتقد ان لا صلاحية للمحكمة الاتحادية العليا في انهاء عضوية رئيس مجلس النواب ودفع احد المستشارين القانونيين استخدام (مبدأ الفصل بين السلطات) في عدم صلاحية المحكمة الاتحادية العليا باصدارها قرار انهاء عضوية رئيس مجلس النواب".

وبين ان "المحكمة الاتحادية العليا لا تخضع لاي سلطة في قراراتها كونها محكمة مستقلة وسبق لها أن اصدرت احكاما على رئاسة مجلس القضاء نفسه وولايتها عامة ومطلقة وغير محدودة على كافة السلطات لانها ببساطة (عليا) اي اعلى المحاكم بتخصص دستوري".

وختم الخبير في الشأن القانوني قوله ان دستور منح المحكمة الاتحادية هذه العلوية والفوقية على المصادقة على نتائج الانتخابات اعضاء مجلس النواب العراقي استنادا واحكام المادة 93 من دستور العراق لسنة 2005 فان الدفع بالفصل بين السلطات ما هو الا وهم وايهام غير منتج نهائيا".

وكان رئيس البرلمان المنتهية عضويته محمد الحلبوسي، قد اعتبر انه لا يحق للمحكمة النظر بصحة عضوية نائب إلا بعد قرار من مجلس النواب"، مشيرا الى ان "الدستور حدد الحالات التي تستوجب إنهاء العضوية في البرلمان وهي الاستقالة أو حالة الوفاة أو الجناية أو المر"، وذلك في رد على قرار المحكمة الاتحادية العليا بانهاء عضوية الحلبوسي من البرلمان.

يقرأون الآن