غير صحيح أن الشرق الأوسط محكوم بحرب أبدية، لأن القضية الفلسطينية غير قابلة للحل.
فحرب غزة، سواء انحصرت أو اتسعت، ستنتهي حُكماً بتسوية على طريق السلام.
لا إسرائيل ولا "حماس" ستكونان قادرتَين على الرفض بعد إنهاكهما.
أمّا حلفاء "حماس" بقيادة إيران فستقلّم التسوية أظافرهم وتخلع أنيابهم الحادة، سواء كانت نووية أو باليستية أو رباعية النفوذ والاحتلال في العالم العربي.
وكل المعطيات والمؤشرات تؤكد أن المنطقة متجهة، برعاية دولية واسعة، وليست فقط أميركية، نحو عصر الدول الوطنية ذات القوة المحصورة ضمن حدودها، والمستقبل هو لصيغة دول الاستقرار والازدهار، والتي لا تتدخل في شؤون سواها.
وهذا يشمل إيران وتركيا وإسرائيل نفسها، بحيث يوضع حد للمشاريع الإمبراطورية ومخططات التوسّع.
وقد بدأت ترتسم الخطوط العامة للحل، بدءاً من إعادة صياغة السلطة الشرعية الفلسطينية والسلطة السياسية الإسرائيلية على أساس الاعتدال المتبادل، بعد عزل رموز التطرف في الجانبين، ولدى القوى الداعمة لهما.
ومن هنا، قلنا قبل أسابيع إن حرب غزة هي "حرب السلام" رغم فظائعها ومآسيها وأثمانها الثقيلة.
فكل الحروب السابقة، منذ حرب "النكبة" ١٩٤٨، وحرب السويس ١٩٥٦، وحرب "النكسة" ١٩٦٧، وحرب "العبور" أو "تشرين" ١٩٧٣، وصولاً إل حروب "الانتفاضات" وحروب غزة السابقة، والحروب الفرعية على غلاف إسرائيل، خصوصاً في لبنان، كانت تؤدي إلى تسويات جزئية أو حلول مؤقتة، ما بين "كامب دايفيد" و"أوسلو" و"وادي عربة"، امتداداً إلى "حرب تموز" ٢٠٠٦ وما قبلها وبعدها، ولم تلامس جوهر الأزمة ومتفرعاتها، والمرتكزات السليمة والدائمة للحل العادل المتوازن، سواء للمسألة الفلسطينية أو للصراع العربي الإسرائيلي الأوسع.
وبعد أن تضع الحرب الراهنة أوزارها، طال وقتها أم قصُر، سيخرج إلى النور ما يدور الآن في أروقة المفاوضات الدبلوماسية، من أفكار واقتراحات وخرائط وأحجام.