عربي آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

بين الغارات الجوية وحساء العدس.. تستمر الحياة في غزة

بين الغارات الجوية وحساء العدس.. تستمر الحياة في غزة

 أطفال ينبشون وسط الأنقاض بعد غارة جوية على بناية ويلتقطون أدوات منزلية من تحتها. عائلات تقف في طوابير للحصول على أكياس الطحين التي يوزعها موظفو الأمم المتحدة. متطوعون يطبخون حساء العدس لمنح النازحين شعورا بالدفء بعدما ابتلت أجسادهم بمياه الأمطار.

لا تزال الحياة مستمرة في قطاع غزة اليوم الثلاثاء في الأسبوع السابع من الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" مع ظهور وضع جديد تتحدد ملامحه بالدمار والنزوح ومصاعب يومية في البحث عن الطعام ومحاولة الحفاظ على جفاف الأجساد والملابس من المطر.

خان يونس

في مدينة خان يونس بجنوب غزة التي فر إليها مئات الآلاف من سكان شمال القطاع هربا من القصف الإسرائيلي المكثف، قال أشخاص إن غارة ليلية على بناية تسببت في مقتل سبعة معظمهم من الأطفال.

وقال يونس عبد الهادي، أحد السكان المحليين الذي كان يعاين مع آخرين آثار الحطام "اللحم (البشري) على الجدران وفي الشوارع هنا. ما ذنب هؤلاء الأطفال؟".

وكان أطفال من حوله ينبشون بين الأنقاض المتناثرة في الشارع أسفل البناية المستهدفة التي كانت لا تزال قائمة لكن طابقا منها انهار بالكامل تقريبا.

وتقول إسرائيل إن ضرباتها تستهدف البنية التحتية لحركة حماس وتشنها بناء على معلومات مخابراتية. وتحمِّل إسرائيل حركة حماس مسؤولية سقوط قتلى من المدنيين وتقول إن الجماعة الإسلامية التي تعهدت بالقضاء عليها تستخدم المدنيين دروعا بشرية.

لكن هذه الرواية لم يكن لها أي صدى عند عبد الهادي الذي يحمل في صدره غضبا شديدا تجاه إسرائيل ويلقي باللوم عليها في سقوط القتلى وفي البؤس الذي يعيشون فيه.

وقال "نحن جميعا مستهدفون، أينما نذهب نحن مستهدفون. الأطفال والرجال وكبار السن، كلهم ​​مستهدفون. يلاحقوننا في مدينة غزة أو في أي مكان آخر. يطلبون من الناس المغادرة ثم يضربونهم على الطريق، مئات الأشخاص".

* الطحين والعدس

في مدينة رفح، كان موظفون من الأمم المتحدة يفرغون شاحنة مساعدات مليئة بأكياس الطحين. وكان الناس ينقلون هذه الأكياس على دراجاتهم أو على عربات تجرها حمير أو يحملونها على ظهورهم.

ولا تكفي المساعدات الغذائية التي تصل إلى غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر لإطعام الجميع بشكل كاف. وتهدف هذه المساعدات إلى إنقاذ حياة مئات الآلاف من سكان القطاع.

وقالت تغريد جابر، وهي نازحة من بيت حانون شمال القطاع "نحن 13 شخصا. هذه الأكياس الثلاثة أو الأربعة (من الطحين) التي يعطونا إياها لا تكفينا. كنا نأخذ ثمانية أو عشرة أكياس. هذا لا يكفي".

وأضافت تغريد أن أفراد أسرتها يعيشون في خيام ولا يستطيعون الحفاظ على أجسادهم جافة عند هطول المطر. وقالت إن الأطفال يشعرون بالبرد الشديد ويفترشون الأرض ويحتاجون إلى أغطية. وذكرت أنهم ظلوا لعدة أيام لا يأكلون سوى الأرز قبل وصول الطحين.

ومضت قائلة "لا يمكن العثور على الطحين في أي مكان. لقد جئت من الشمال منذ 20 يوما ولم أتمكن من العثور على أي طحين. اشتريت بعض الأرز ونحن نعيش عليه".

وعودة إلى خان يونس، حيث تعاونت مجموعة من المتطوعين لطهي الحساء في أوعية كبيرة للنازحين في إحدى مدن الخيام، حيث يقدم المانحون الأموال أو مكونات الطعام لإتمام هذه المهمة.

ووقف رجال ونساء وأطفال يحملون أوعية فارغة وأوعية بلاستيكية في انتظار الحصول على حصتهم من الحساء، بينما كان المتطوعون يستخدمون مغرفة ولوحا طويلا من الخشب لطهي الحساء في ثلاثة أوعية معدنية كبيرة.

وقالت النازحة منيرة المصري "كان حساء العدس طبقا عاديا لا يكترث لأمره أحد، لكنه الآن أفضل من لحم الضأن بالنسبة لنا. نحن ممتنون لأن حساء العدس أصبح متوافرا لنا الآن بفضل هؤلاء المتطوعين".

نيران هادئة

وكان حسين أبو رمضان، وهو نازح أيضا، ينظم عملية طهي الحساء، التي كانت تتم على نيران هادئة مشتعلة على أرض رملية رطبة.

وقال "حساء العدس طبق تقليدي لدى الفلسطينيين... عندما هطلت الأمطار، لم يكن أحد آمنا في خيمته. لقد وصل المطر والبرد إلى الجميع، وخاصة أولئك الذين لديهم أطفال. ولهذا السبب، بدأ المتطوعون في التفكير في تقديم حساء العدس، وهو الطبق الشتوي الذي يمكن أن يدفئ الناس".

ورغم أن الحساء كان كافيا لتوفير قدر من الشعور بالراحة، لم يكن ممكنا حتى للأطفال نسيان وضعهم البائس.

وقالت مرام الطرابيش، وهي فتاة صغيرة بشعر مجدول "الحياة التي نعيشها الآن ليست حياة. لا حياة ولا طعام ولا شراب ولا أي شيء. حتى المطر ينهمر علينا. لا نستطيع النوم بسببه".

رويترز

يقرأون الآن