تترقب إيران السبت نتائج الانتخابات الرئاسية التي يتوقع أن تصب في صالح المحافظ المتشدد ابراهيم رئيسي، بعد عملية اقتراع جرت في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية، ورافقتها تساؤلات عن نسبة المشاركة.
وبدأ فجر السبت فرز الأصوات بعيد إقفال صناديق الاقتراع، إثر عملية تصويت امتدت زهاء 19 ساعة.
ودعي أكثر من 59 مليون إيراني إلى التصويت اعتبارا من الساعة السابعة صباح الجمعة.
وأغلقت المراكز عند الثانية السبت (21,30 ت غ الجمعة)، بعد تمديد مهلة الاقتراع ساعتين إضافيتين، وهو ما كانت السلطات ألمحت سابقا إلى احتمال حصول ذلك في حال الحاجة، لا سيما في ظل إجراءات الوقاية من كوفيد-19.
ويتوقع أن تعلن نتائج الانتخابات الرئاسية الـ13 في تاريخ الجمهورية الإسلامية بحلول الظهر (07,30 ت غ).
وخاض السباق أربعة من المرشحين السبعة الذين صادق مجلس صيانة الدستور على ترشيحاتهم بينما انسحب الثلاثة الآخرون قبل الاقتراع. وتعرض المجلس لانتقادات على خلفية استبعاده شخصيات بارزة، ما أثار امكان حصول امتناع واسع عن التصويت.
وفي غياب منافس جدّي، يبدو رئيس السلطة القضائية رئيسي (60 عاما) الأوفر حظا للفوز بولاية من أربعة أعوام خلفا للمعتدل حسن روحاني الذي لا يحق له الترشح هذه المرة بعدما شغل منصب رئيس الجمهورية لولايتين متتاليتين اعتبارا من 2013.
إلا أنّ بعض الدورات الانتخابية الرئاسية في إيران لا سيّما منذ 1997، شهدت نتائج مخالفة للتوقعات.
وفي حال عدم نيل أيّ من المرشحين الغالبية المطلقة، تجرى دورة ثانية في 25 حزيران/يونيو بين المرشّحَين اللذين حصدا أعلى عدد من الأصوات.
ويتوقع أن يعزز فوز رئيسي، في حال تحققه، إمساك التيار المحافظ بمفاصل هيئات الحكم، بعد فوزه العريض في الانتخابات التشريعية العام الماضي.
المرشح الأكثر كفاءة
وستكون نسبة الاقتراع موضع ترقب، علما بأن أدنى مشاركة في انتخابات رئاسية بلغت 50,6 بالمئة (عام 1993).
وقبل يوم الاقتراع، رجحت استطلاعات رأي ووسائل إعلام محلية أن تكون نسبة المشاركة بحدود 40 بالمئة.
ولم تصدر أي أرقام رسمية حتى صباح السبت بينما توقعت وكالة "فارس" التي تعد قريبة من المحافظين المتشددين ("الأصوليين")، الجمعة أن تتجاوز النسبة 50 بالمئة.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة قبل أربعة أعوام 73 بالمئة، في حين شهدت الانتخابات التشريعية في شباط/فبراير 2020، نسبة امتناع قياسية بلغت 57 بالمئة.
ودشن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي اليوم الانتخابي أمس بتجديد الدعوة الى المشاركة الكثيفة لأن "ما يفعله الشعب الإيراني اليوم، يحدد مصيره ويبني مستقبله لعدة سنوات".
وكان خامنئي دعا مرارا في الآونة الأخيرة، الى المشاركة بكثافة وتجاهل حملات من معارضين في الخارج وعلى مواقع التواصل، للامتناع عن ذلك.
وشهدت البلاد حملة من دون حماسة تذكر.
وفي شوارع العاصمة الجمعة، تفاوتت آراء الناخبين بشأن الاقتراع من عدمه.
وأكدت ممرضة اكتفت بذكر اسم عائلتها (صاحبيان) أنها ستصوت لرئيسي "المرشح الأكثر كفاءة".
موقف مماثل أبدته زهراء فرهاني، ربة المنزل التي أكدت عزمها على التصويت لرئيسي بناء على "أدائه (على رأس السلطة) القضائية".
ومنح مجلس صيانة الدستور الأهلية لخمسة مرشحين من المحافظين المتشددين واثنين من الإصلاحيين، قبل أن ينسحب ثلاثة منهم الأربعاء.
وتنافس رئيسي، رجل الدين الذي يعد مقرّباً من خامنئي، مع المتشددَين محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، والنائب أمير حسين قاضي زاده هاشمي، والإصلاحي عبد الناصر همتي، حاكم المصرف المركزي منذ 2018 حتى ترشحه.
وحصد رئيسي 38 بالمئة من الأصوات في انتخابات 2017، وتولى مناصب عدّة على مدى عقود، خصوصاً في السلطة القضائية، وكان سادن العتبة الرضوية في مسقطه مدينة مشهد المقدسة (شمال شرق).
كذلك، تطرح وسائل إعلام إيرانية اسمه كخلف محتمل للمرشد.
أولوية الاقتصاد
استبعد مجلس صيانة الدستور مرشحين بارزين مثل الرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني، ونائب رئيس الجمهورية اسحاق جهانغيري، ومحمود أحمدي نجاد الذي تولى رئاسة البلاد بين العامين 2005 و2013.
وأعطى استبعاد المجلس أسماء كبيرة خصوصا لاريجاني الذي كان يُتوقع أن يكون أبرز منافس لرئيسي، الانطباع بأن الانتخابات حسمت سلفا.
وبدا ذلك جليا في آراء بعض سكان طهران الجمعة.
وقال النجار حسين أحمدي "الوضع الراهن لا يترك لنا أي خيار آخر سوى الصمت والبقاء في المنزل، على أمل أن يؤدي ذلك الى إسماع أصواتنا".
واعتبر التاجر سعيد زارعي "سواء قمت بالتصويت أم لا، تم انتخاب أحدهم مسبقا".
ويحظى الرئيس في إيران بصلاحيات تنفيذية ويشكل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في السياسات العامة تعود الى المرشد الأعلى.
وستطوي الانتخابات عهد روحاني الذي بدأ في 2013 وتخلّله انفتاح نسبي على الغرب توّج بإبرام اتفاق العام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بشأن برنامج إيران النووي، بعد أعوام من التوتر.
وأتاح الاتفاق رفع عقوبات عن طهران، في مقابل الحدّ من أنشطتها النووية. لكنّ مفاعيله انتهت تقريبا منذ انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات قاسية على إيران.
وتترافق الانتخابات مع مباحثات في فيينا سعياً لإحياء الاتفاق. وأبدى المرشحون تأييدهم أولوية رفع العقوبات والتزامهم بالاتفاق في حال امتثال الولايات المتحدة لموجباته.
وشهدت مدن إيرانية عدة احتجاجات على خلفية اقتصادية في شتاء 2017-2018 وتشرين الثاني/نوفمبر 2019، اعتمدت السلطات الشدّة في قمعها.
وسيكون الوضع المعيشي أولوية للرئيس المقبل، وهو ما شدد عليه خامنئي.
أ ف ب