التوتر بين الجزائر والمغرب.. رسالة عسكرية تثير الجدل

علم الجزائر- أ ف ب

بعد نحو شهرين من تصريحات الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، التي أثارت غضبا في المغرب بسبب "التحذيرات" التي أطلقها خلال حديث لصحيفة فرنسية، نشرت مجلة الجيش الجزائري، مقالا تضمن بعض المحطات التاريخية للمنطقة متهما المملكة الجارة بـ "الخيانة"، في ظل أجواء من التوتر بين البلدين.

المجلة، خصصت صفحتين في عددها الأخير، للحديث عن هذه المحطات التاريخية، حيث قالت إن هناك دولة مجاورة "تتحرك وتعمل ضد الجزائر، لم تخف حقدها وكرهها ليس من اليوم فقط، بل على امتداد قرون خلت".

في الصفحة 28، وتحت عنوان، "حملات عقيمة ونتائجها مفضوحة"، سألت المجلة "من خان البطل النوميدي يوغرطة سنة 104 قبل الميلاد، وسلمه إلى روما لتقتله؟ ألم يكن "بوكوس" ملك موريطانيا القيصرية. المغرب حاليا. من انقلب على الأمير عبد القادر في ديسمبر سنة 1847 وتحالف مع العدو الفرنسي لحصاره؟ ألم يكن السلطان مولاي عبد الرحمان المغربي، ومن خان الزعماء الخمسة ووشى بهم إلى فرنسا شهر أكتوبر 1956، عندما كانت طائرتهم متوجهة من المغرب إلى تونس؟ ألم يكن ولي العهد المغربي؟ ومن هاجم بلادنا في أكتوبر 1963 وجراحها لا تزال تنزف لاحتلال مدينتي تندوف وبشار وضمهما لمملكته، ألم يكن أمير المؤمنين الملك الجسن الثاني؟"

توقيت "خاطئ"

يقول المحلل السياسي الجزائري، فاتح بن حمو، لموقع "الحرة" إن توقيت نشر هذا التعليق "خاطئ"، مضيفا أن حدود البلاد "مشتعلة" أصلا، في إشارة إلى ما يحدث في ليبيا المتاخمة للجزائر شرقا، "ولا داعي لمزيد من التعقيدات".

ويرى بن حمو أن الدبلوماسية "يجب أن تؤطر" العلاقات بين الجزائر والمغرب، وقال إن "هناك سفراء للحديث عن هذه الأمور، وليس على مجلة الجيش أن تخوض في هذه الملفات".

وأضاف قوله: "لا أرى جدوى من الحديث عن الخلافات التاريخية الآن، بالرغم من أن هناك محطات ذكرها المقال حدثت فعلا"، لكنه أشار إلى ضرورة " أن يتناولها المؤرخون، وليس مجلة الجيش".

وأشار بن حمو إلى أن المجلة لم تتطرق إلى الخلاف مع المغرب فحسب، بل تحدثت كذلك عما يجري بالداخل وبالأخص الحراك الشعبي.

السياق

يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، عثماني بلقاسم، أن ما ورد في مجلة الجيش، "جاء في مرحلة أحسّت فيها الجزائر بأن أمرا ما يحاك ضدها".

وفي حديث لموقع "الحرة" قال عثماني إن الجيش الجزائري، "بصدد القيام بالمهام المنوطة به، وهي حماية البلاد"، مبينا أنه "لا بد من وضع ما جاء في المجلة في سياقه، لأن قيادة الجيش ترى بأن البلد مستهدف ولا أعُدّ شخصيا تعليقها تدخلا في الدبلوماسية".

ويوضح عثماني أن الجيش "لا ينوي بأي حال من الأحوال الدفع إلى التصعيد" وقال: "لا يجب إعطاء بُعد آخر لما ورد، كل ما في الأمر أن التعليق تضمن محطات تارخية، يعرفها جميع الجزائريين".

"دعاية مغرضة"

لكن السرد التاريخي الذي أشارت إليه المجلة "لا يستند إلى أي أساس علمي موضوعي"، وفق المحلل السياسي المغربي، خالد الشيات.

الشيات، استغرب في حديث لموقع "الحرة" "تركيز مقال مجلة الجيش على محطات تاريخية"، وقال إنه "شيٌء مضحك مُبكي" واصفا ما ورد فيه بـ"الدعاية المغرضة".

وتساءل الشيات عن "الجهة العلمية التي أثبتت هذه الوقائع"، وقال إن الجيش الجزائري "يريد أن يفهم في كل شيء، ولا يري الناس إلا ما يرى".

كما طرد تساؤلا حول الأسباب الحقيقة وراء ما وصفه بـ"ترامي الجيش الجزائري وراء هذا الحقل المعرفي البعيد كل البعد عنه".

ويؤكد الشيات أنه "من الناحية التاريخية، المغرب والجزائر "كانتا ضمن منطقة مندمجة، في وقت لم تكن هناك دول".

وقال: "يرديون أن يعطو الانطباع بأن الجزائر دولة موجودة منذ زمن بعيد لكن الواقع أنها دولة حديثة".

الشيات ذكّر في السياق بـ "مساندة المغرب للجزائريين خلال كفاحهم ضد الفرنسيين (1954-1962)، وقبلها إبّان المقاومة الشعبية الجزائرية لفرنسا خلال القرن 19"، مذكرا بمعركة إيسلي في 1844.

ووقعت معركة إسلي بالقرب من مدينة وجدة بين جيش المغرب وفرنسا في 14 أغسطس عام 1844 بسبب مساعدة السلطان المغربي المولى عبد الرحمن، للمقاومة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي.

وختم بالقول "يبدو أن للجزائر نية في إذكاء الخلاف، كما فعلت منذ 45 سنة بدعمها لمجموعة مسلحة ضد المغرب"، في إشارة إلى مساندة الجزائر لجبهة البوليساريو المطالبة باستقلال الصحراء الغربية.

لكن بن حمو أكد أن هناك "إجماعا في الجزائر على أن قضية الصحراء الغربية عادلة"، وأنها "تصفية استعمار" على حد تعبيره، بينما نصح بترك "الأمور التارخية للمؤرخين".

ولم يصدر أي رد فعل رسمي مغربي حول ما جاء في مجلة الجيش، فيما وصف موقع صحيفة "هيسبريس" المغربي ما ورد في مجلة الجيش الجزائري بـ"تزوير التاريخ".

الحرة

يقرأون الآن