من

سادت ملامح العمل الخيري التعاوني في المشهد الإجتماعي السعودي منذ قرون مضت، حتى أصبح عادة يتناقلها السعوديون جيلًا بعد جيل، كواجب تكافلي مهم، فعله الآباء والأجداد وورثوه للأبناء، لتدعمه القيادة وتعزز قوته، فأصبحت المملكة تتصدر الدول حول العالم في الأعمال الخيرية.

ولعل نيل السعوديين للشرف العظيم بوجود الحرمين الشريفين في أراضيهم، أسهم في تقوية العمل الخيري لديهم، إذ دأبوا حكومةً وشعبًا على خدمة ضيوف الرحمن طوال العام من معتمرين وزائرين وحجاج، ففي مكة المكرمة ومحافظاتها، يتسابق الأهالي من أجل نيل شرف خدمة الحجيج، وتبرز في مكة والمدينة المنورة مفردة "المساندة" وهي الأكثر شيوعًا، حيث يتشاركون في الكثير من الأعمال التطوعية المجتمعية بمساعدة الأهل والأقارب، من أجل خدمة الحاج والمعتمر.

أمّا في شرق المملكة، فالمصطلح الأكثر رواجًا "النجدة"، توارثه الأهالي جيلًا بعد جيل، وخصوصًا في نجدة التائهين في صحراء الربع الخالي وكثبانها الرملية الشاسعة، حيث تتبرع مجموعات من الشباب بالكثير من أساليب المساعدة ومنها قص الأثر لنجدة المستغيث. وفي جنوب المملكة، تتحول المفردة إلى "الفزعة"، حيث يبرز التكافل الإجتماعي في مساعدة أهالي القرى على حرث مزارعهم وحصاد محاصيلهم، وسقايتها في غياب أصحابها، وإعادة بناء المنازل، وترميم بعضها الآخر، ومعونات متنوعة لإطلاق سجناء أو إنهاء مشكلة إجتماعية أو حتى مساعدة المتزوجين.

وتبرز مفردة "العونة" في شمال المملكة، حيث يتسابق الأهالي لمساعدة المحتاج بعد تقسيم المهام فيما بينهم على شكل مجموعات، فمنهم مجموعة تجلب المؤونة للعائلات اليتيمة الفاقدة لمن يعولها، وتأمين مستلزمات عابري السبيل من الدول المجاورة، واستقبال وفودهم الحاضرة لأداء العمرة والحج ومد سفر الطعام، بل إن لدى أهالي الشمال.

يقرأون الآن