يواصل قادة حركة طالبان، الذين يسعون لإظهار وجه أكثر اعتدالا منذ السيطرة على كابول في 15 أغسطس، محادثات بخصوص تشكيل حكومة تضمنت مناقشات مع بعض الخصوم القدامى مثل الرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي، فيما بدأت ملامح السلطة الجديدة تتبلور. وذكرت وكالة بجواك للأنباء أمس أن الحركة عينت وزيرا جديدا للمالية ومديرا للمخابرات وقائما بأعمال وزير الداخلية.
وقالت الوكالة إن جول أغا سيتولى وزارة المالية في حين سيكون صدر إبراهيم قائما بأعمال وزير الداخلية. وعينت الحركة نجيب الله مديرا للمخابرات بينما سيكون الملا شيرين حاكما لكابول وحمد الله نعماني رئيسا لبلدية العاصمة.
وفي السياق ذاته، كشفت مجلة فورين بوليسي عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن قادة طالبان سيشكلون مجلسا للحكم يتألف من 12 شخصا.
وقالت المجلة إن أبرز القادة في المجلس المنتظر هم الملا عبدالغني برادر، والملا محمد يعقوب نجل مؤسس الحركة الملا محمد عمر، وكذلك خليل حقاني الذي تنسب إليه الإستراتيجية العسكرية التي قادت إلى سيطرة طالبان على البلاد.
وذكرت أن كلا من عبدالغني برادر والملا محمد يعقوب يعملان على ضم أحمد مسعود إلى مجلس الحكم وهو نجل القائد المعارض السابق للحركة أحمد شاه مسعود «أسد بانشير».
وأشارت المجلة إلى أن حركة طالبان ستتجنب إنشاء مناصب كبرى من قبيل الرئيس وحتى منصب الأمير، وتسعى إلى إنشاء مجلس للحكم يحظى باعتراف دولي.
بموازاة ذلك، يكثف الأميركيون وحلفاؤهم الغربيون، جهود إجلاء آلاف الأفغان والأجانب من كابول في أسرع وقت ممكن بعدما جددت طالبان تأكيدها أنها لن تسمح باستمرار هذه العمليات بعد الموعد الذي حدده الرئيس الأميركي جو بايدن لإنهاء الانسحاب بحلول نهاية الشهر الجاري.
وقال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد في مؤتمر صحافي بث على الهواء، إنها لم توافق على تمديد المهلة، وإنها تريد أن تنتهي عمليات الإجلاء جميعها بحلول ذلك التاريخ. وقال: «لديهم طائرات ولديهم المطار، عليهم إخراج مواطنيهم والمتعاقدين معهم من هنا».
وأضاف مجاهد: «ما نشهده في مطار كابل شيء أليم وعلى الأميركيين ألا يحثوا الأفغان على مغادرة البلاد»، داعيا الولايات المتحدة الى التوقف عن إجلاء «الخبراء الأفغان»، حيث تتهم الحركة الأميركيين بإخراج «الخبراء» على غرار المهندسين من البلاد. وقال مجاهد في مؤتمر صحافي في كابول «نطالبهم بوقف هذه العملية».
وأعلن المتحدث، أن الحركة أغلقت الطريق المؤدي إلى مطار كابول، مشيرا إلى «أننا لا نسمح بالمرور إلا للأفراد الأجانب». وناشد الأفراد المتجمعين قرب المطار إلى العودة إلى منازلهم، و«نحن نتعهد بالحفاظ على أمنهم». وأردف أنه لا توجد قائمة بأشخاص مستهدفين بالانتقام، قائلا: «لقد نسينا كل شيء في الماضي».
ويبدو أن ألوف الأفغان يئسوا من نجاحهم في المغادرة فعلا وعادوا إلى منازلهم في الأقاليم بعد أن علموا أن الوضع هناك «هادئ نسبيا» حسبما قال الديبلوماسي في حلف شمال الأطلسي، محذرا في الوقت ذاته من ندرة التقارير الاستخباراتية والأمنية الواردة من المناطق النائية.
ووسط ضغوط متزايدة على واشنطن للتفاوض لإتاحة مزيد من الوقت لإجلاء آلاف العالقين، عقدت قمة افتراضية لمجموعة السبع «G7» أمس لاستعراض وضع عمليات الإجلاء من مطار كابول.
واتفقت المجموعة على الضغط على طالبان للسماح بالإجلاء بعد ٣١ أاغسطس.
بيد أن مسؤولا بالإدارة الأمريكية أبلغ «رويترز» أمس، بأن الرئيس جو بايدن يتفق مع توصية لوزارة الدفاع (البنتاغون) بالالتزام بالموعد النهائي للانسحاب في 31 أغسطس.
وقال المسؤول إن البنتاغون قدم توصيته استنادا إلى مخاوف بشأن المخاوف الأمنية التي قد تتعرض لها القوات الأميركية.
وأضاف المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن بايدن طلب من البنتاغون وضع خطط طارئة للبقاء لمدة أطول إذا لزم الأمر.
وذكر المسؤول أن الولايات المتحدة قالت لطالبان إن الانسحاب الأميركي بحلول 31 أغسطس مرهون بالتعاون لتسهيل عمليات الإجلاء.
ومازالت الفوضى تسود محيط مطار كابول، وصرح ديبلوماسي في حلف شمال الأطلسي لـ «رويترز» بأن دولا مختلفة قامت بإجلاء نحو 50 ألف شخص خلال الأيام العشرة الماضية وتحاول الانتهاء من الأمر قبل انقضاء المهلة.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه «يعمل كل فرد من القوات الأجنبية بوتيرة تشبه حالة الاستعداد للحرب كي لا يفوت الموعد النهائي». وقال آدم شيف رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب الأميركي للصحافيين بعد إفادة بشأن أفغانستان قدمها مسؤولون في المخابرات إنه لا يعتقد أن الإجلاء سيكتمل في غضون الأيام الباقية.
وأضاف «أرى أن الأمر ممكن، لكن الاحتمال ضعيف جدا نظرا لعدد الأميركيين الذين يتعين إجلاؤهم».
وخارج كابول، في الأرياف والمدن الكبرى يعبر الكثير من الأفغان عن ارتياحهم لانتهاء الحرب التي استمرت عقودا. لكن البعض ولاسيما النساء والأقليات الاتنية، قلقون إزاء مصيرهم.
الأنباء الكويتية