العراق

ما اهمية حقل كورمور في العراق ولماذا يتم استهدافه؟

ما اهمية حقل كورمور في العراق ولماذا يتم استهدافه؟

تقود الهجمات المتكررة على حقل كورمور الغازي، خبراء الطاقة والأمن والمسؤولين إلى محصلة حول وجود دوافع "إقليمية" لكبح تطلعات اقليم كردستان والعراق للدخول في سوق الغاز العالمية.

وأدى هجوم بطائرة مسيرة الجمعة على حقل كورمور للغاز في إقليم كوردستان إلى مقتل أربعة عمال يمنيين الجنسية، وتوقف إمدادات الغاز إلى محطات توليد الكهرباء لينخفض الإنتاج بنحو 2500 ميغاوات.

ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم المتكرر للمرة الثانية هذا العام، والثامنة خلال عامين.

ما اهمية حقل كورمور؟

وحقل كورمور الغازي تبلغ مساحته 135 كيلو متر مربع وهو أكبر حقل منتج للغاز الحر في العراق، ويبلغ الاحتياطي المؤكد 8.2 تريليون قدم مكعب، فيما يصل الإنتاج فيه إلى 452 مليون قدم مكعب من الغاز الجاف و15,000 برميل من المكثفات، وأكثر من 1000 طن متري من الغاز النفطي المسال يومياً.

وينتج الحقل الغاز اللازم لتوليد 4200 ميغاواط من الكهرباء يومياً، منها 2800 ميغاواط ترسل إلى إقليم كوردستان والباقي إلى محافظتي كركوك ونينوى.

هذا ما أكده الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، وأضاف أن الحقل ينقل الغاز الطبيعي عبر الأنابيب إلى محطتي توليد كهرباء جمجمال وأربيل، ويوفر 67 % من كهرباء إقليم كردستان.

وعن الجهات المستثمرة في هذا الحقل يشير المرسومي إلى أن المستثمرين الأجانب هم شركة "دانة غاز" وشركة "الهلال"، لكل واحدة منهما حصة 35%، و10% لكل واحدة من الشركات "أو إم في" و"إم أو إل" و"آر دبليو إي".

ويقول ان الرؤية المستقبلية للحقل كانت زيادة مستوى الإنتاج الى 630 مليون قدم مكعب قياسي عام 2023 ولكن العمل تأخر كثيرا لأسباب عدة أبرزها القصف المتكرر، وهو أمر دفع بالشركة الأميركية (إكستران) إلى ترك العمل بالحقل الذي يمول جزئيا من خلال اتفاقية بقيمة 250 مليون دولار مع شركة تمويل التنمية الدولية الأميركية.

من جانبه يقول د.خالد حيدر الأكاديمي والخبير الاقتصادي إن "عمليات الاستهداف لهذا الحقل، تقوض حصول اقليم كردستان على احتياجاته من الغاز، مما يدفعه إلى استيرادها بالإضافة إلى الكهرباء من الدول المجاورة، وهذا ما يجعلنا نتصور ان القضية فيها تأثير إقليمي أو من دول معينة، مشيراً إلى أن الاستهداف الأخير للحقل تسبب بفقدان 2500 ميغاواط من الكهرباء وهذا مؤشر واضح على أهميته وتأثيره.

ونظراً إلى وجود خطط لدى إقليم كردستان في مجال نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، فقد بدأت تحظى باهتمام دولي كبير في ظل تصاعد انعكاسات الأزمة الروسية-الأوكرانية على قطاع الطاقة في أوروبا، لذلك تسارعت الخطى نحو وضع خطة استراتيجية لإقامة خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي ينطلق بشكل أساسي من حقل كورمور ويمر بأربيل لينتهي عند مدينة دهوك، يتم بعدها ربطه بشبكة أنابيب تركية تسمح بنقله إلى دول الاتحاد الأوروبي.

ويقع هذا الحقل في قضاء جمجمال التابع لمحافظة السليمانية، التي تعد المركز الأساسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وقد تعرضت هذه المنطقة لتغييرات في جغرافيتها الإدارية، حيث كانت في سبعينيات القرن الماضي ضمن محافظة كركوك، وبعد 2003 سيطرت حكومة إقليم كردستان على المنطقة التي تقطنها غالبية كردية.

وبعد عام 2007، نجحت حكومة إقليم كردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني آنذاك، في جذب مجموعة من شركات الطاقة لاستخراج الغاز الطبيعي.

ويملك كونسورتيوم اللؤلؤة، الذي يضم شركة دانة غاز الإماراتية للطاقة وشركة نفط الهلال التابعة لها، حقوق استغلال كورمور وجمجمال.

وتقول "دانة غاز" إن الإنتاج شهد قفزة كبيرة بنسبة 50% بين عامي 2018 و2021، ليصل إلى 452 مليون قدم مكعبة، بالإضافة إلى 15,000 برميل من المكثفات، وأكثر من 1000 طن متري من الغاز النفطي المسال يومياً.

كما وضع ائتلاف الشركات خطةً طموحة للقيام بأعمال الصيانة والتوسعة في خطوط معالجة الغاز الطبيعي في محطة كورمور من أجل أن يصل الإنتاج إلى 900 مليون قدم مكعبة في اليوم الواحد بحلول عام 2023 وهو ما يُعتبر نقطة تحول مهمة تُضفي مزيداً من القيمة لهذا الحقل.

يقول جبار ياور الأمين العام السابق لوزارة البيشمركة ان الحقل ولمرات عديدة تم استهدافه بهجمات متنوعة من قبل جهات غير معلومة على الرغم من تشكيل لجان مشتركة بين حكومتي بغداد واربيل، لكن من المؤكد ان تلك المجاميع هي نفسها التي تقف ضد مصالح الاقليم وبغداد وتقف أمام استقرار الإقليم.

استهداف سياسي وقصور استخباراتي

من جهته يرى الخبير الأمني سرمد البياتي أن عدم وجود منظومة رادارات لكشف الطائرات كان سببا مهما في استهداف الحقل، مشيرا الى ان العراق اتفق مع الجانب الاميركي على تزويده ب6 منظومات لكشف الطائرات عسى ان تنهي سطوة المسيرات على هذه المناطق.

ويؤكد ان السياسة مقترنة بالاقتصاد، ولا انفكاك بينهما، خصوصا وأن الاتفاقيات التي عقدها العراق مؤخرا مع تركيا وقطر قد أزعج بعض الأطراف، وكذلك كون أن الحقل هو منتج للغاز والذي قد يتم تصديره لأوروبا وهذا ما سينعكس سلبا على بعض الدول في المنطقة وخارجها.

وبالمجمل، يدور خلاف يمتد لسنوات بين بغداد وكردستان حول ملف النفط والغاز، خصوصاً بعد قرار المحكمة الاتحادية الأخير، بإبطال عقود النفط والغاز التي وقّعتها حكومة إقليم كردستان مع الشركات الأجنبية.

في آيار/ مايو عام 2022، اتهمت شركة نفط الشمال التابعة لوزارة النفط العراقية قوات البيشمركة الكردية بالسيطرة على مجموعة من الحقول، ومنها حقل كورمور، وقد رافق تلك الخلاف تصعيد للحملة الإعلامية التي تبنتها بعض أطراف المقربة من "الإطار التنسيقي" الشيعي، وهو ما قابله نوع من التعبئة للجمهور التركماني في كركوك.

بعد شهر من الخلاف آنذاك، تعرض حقل كورمور إلى ثلاث هجمات صاروخية خلال أيام متقاربة.

ويرى المستشار السياسي لبرلمان كردستان محمود خوشناو أن "الجماعات المنفلتة التي تستهدف الحقل تنشط في مناطق الفراغ الأمني بين حدود سلطات الإقليم وحدود سلطات الحكومة الاتحادية والتي تكون محاذية للمناطق المتنازع عليها، مشيرا الى ان استهدف حقل كورمور كان من الجنوب الغربي للحقل وهي مناطق رغوة وتحتاج إلى تواجد قوات أمنية، مؤكدا ان الحكوميين اتفقنا قبل فترة على تشكيل قوات مشترك لمسك الأرض إلى أنه قرار لم يرَ النور.

ولفت إلى أن الجماعات التي تستهدف الحقول لا تنتمي لجهة محددة، بل تعمل لصالح أجندات داخلية وخارجية، وحسب ما يقتضيه الطرف الأخر.

يقرأون الآن