على مدى الأسابيع القليلة الماضية، تقدم اسم كريم خان، مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية المشهد الدولي، لاسيما بعد طلبه قبل يومين إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يؤاف غالانت، فضلا عن 3 قياديين كبار في حماس.
ولعل اسمه لمع أكثر اليوم إثر تقديم عدد من النواب الأميركيين مشروع قرار من أجل فرض عقوبات على أعضاء تلك المحكمة وعلى رأسهم خان.
فلماذا أزعج هذا الرجل الكثيرين حول العالم، وتلقى التهديدات؟
عُرف هذا المحامي البريطاني الهادئ والشرس في آن، والشهير أيضا بأنه في عجلة من أمره لتطبيق القانون الدولي، فقد غيّر وجه المحكمة الجنائية التي لطالما عرفت بتريثها قبل اتخاذ القرارات.
إلا أن سعيه السريع لإصدار مذكرات الاعتقال ضد قادة الحرب في أوكرانيا العام الماضي، والآن في غزة، أكد مدى جرأة خان ومضيه في عماه دون خوف أو محاباة، واكتراث بتهديدات.
على الرغم من أنه أكد قبل أيام قليلة في مقابلة مع شبكة سي إن إن أنه تعرض لتهديدات "وقحة" حسب وصفه، وفجر مفاجأة من العيار الثقيل، حين كشف أن أحد الزعماء الدوليين الكبار قال له إن "المحكمة الجنائية أنشئت من أجل دول أفريقيا والبلطجية مثل بوتين" في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
فبعدما طالبت الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال بحق قادة من إسرائيل وحماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب، اكتسب خان، شهرة واسعة، وشغلت قراراته الأوساط الدولية برمتها.
بل دفع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الإعلان صراحة أنه سيعمل مع المشرعين الأميركيين لبحث إمكانية فرض عقوبات على المحكمة وأعضائها.
إلا أن خان أكد مرارا أنه لن ينصاع، حسب ما نقلت صحيفة "الغارديان".
فمن هو هذا المحامي المشاكس؟
-عين خان البالغ من العمر 50 عاماً، مدعيا عاما للمحكمة الجنائية الدولية عام 2021.
-في عملية اقتراع سرية، تغلب البريطاني على المرشحين من أيرلندا وإسبانيا وإيطاليا ليفوز في الجولة الثانية من التصويت بدعم من 72 دولة – أي أكثر بعشر دول من العدد المطلوب البالغ 62 دولة.
-من خلال دراسته للقانون في كينجز كوليدج لندن، أظهر خان اهتماما مبكرا بالعدالة الدولية وحقوق الإنسان.
-في أول مقابلة منشورة له بعد أن أصبح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قال المحامي اللامع لمجلة كونسيل إن رؤية أهوال حرب البلقان على شاشة التلفزيون جعلته يطمح إلى العمل في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، وهو الهدف الذي سيحققه.
-لم يكن مدرجا في القائمة المختصرة الأصلية لدور المحكمة الجنائية الدولية، بل تمت إضافته جزئيا بناء على إصرار الحكومة الكينية بعد أن عمل كمحامي دفاع لنائب الرئيس الكيني، ويليام روتو، عندما اتُهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بعد الانتخابات، حيث شهدت البلاد أعمال عنف عام 2007 أدت إلى مقتل 1200 شخص. وأسقطت المحكمة الجنائية هذه الاتهامات في عام 2016 بعد ما وُصف بأنه "حادثة مثيرة للقلق لتدخل الشهود وتدخل سياسي لا يطاق"، فيما قُتل أحد الشهود الرئيسيين في 2014.
-قبل انتخابات المحكمة الجنائية الدولية، تناول خان هذا الأمر في رسالة مفتوحة يشرح فيها بالتفصيل كيف فعل كل ما هو ممكن لمنع الترهيب من خلال ضمان وضع الفرد تحت حماية الشهود، ثم السعي إلى إجراء تحقيق. إلا أن البعض شكك في مدى ملاءمته لدور المحكمة الجنائية الدولية، نظراً لأنه دافع عن تشارلز تايلور، الرئيس الليبيري السابق الذي أدين بارتكاب جرائم حرب في محكمة خاصة في سيراليون.
وأدى إصرار خان، كمدعي عام، على ملاحقة جرائم الحرب المزعومة، إلى وضعه على قائمة المطلوبين من قبل روسيا، ومؤخراً تعرض للتهديد من قبل أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في الكونغرس الأميركي بسبب ملاحقته لتحقيقاته حول غزة.
وهذا بدوره دفع المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار بيان يحذر فيه من محاولات إعاقة مسؤوليها أو تخويفهم أو التأثير عليهم بشكل غير لائق.