سوريا

رغم الوضع الاقتصادي.. "هوس" التجميل يلاحق السوريات

رغم الوضع الاقتصادي..

تشهد عيادات التجميل في سوريا ازدحاماً غريباً يعجز الناس العاديون عن تفسير أسبابه. وعلى عكس الواقع الاقتصادي والمعيشي المتردي، ثمة طفرة تشهدها مراكز التجميل المنتشرة بكثرة في البلاد.

وتفيد تصريحات لأطباء تجميل ومسؤولين في وزارة الصحة السورية بإقبال متزايد على عمليات التجميل في العيادات ومراكز التجميل السورية، على الرغم من ارتفاع أسعارها إلى حد بعيد، قياساً بالرواتب المتواضعة التي لا تسد أدنى احتياجات الأسر.

وتتجلى هذه المفارقة الغريبة التي تشهدها البلاد في معادلة تفيد أن 90% من السوريين يرزحون تحت خط الفقر، مع متوسط أجور لا يتجاوز عتبة الـ 400 ألف ليرة سورية شهريًا (أقل من ثلاثين دولارًا)، فيما تحلق أسعار عمليات التجميل بشتى أنواعها لتتراوح ما بين 1 و 20 مليون ليرة سورية.

لكن تفسيرًا نفسيًا ربما قدمه باحثون، باعتبار أن الأمر ليس ظاهرة تخص سوريا فقط، إذ سبق أن مرت العديد من المجتمعات بمثل هذه الظاهرة التي اتفق على تسميتها بـ"تأثير قلم الحمرة".

عدوى.. فإدمان

تقول سحر (موظفة في شركة تأمين في العاصمة دمشق): "التجميل معدٍ.. بالرغم من أنني لم أفكر يوما بحاجتي إلى الأمر، لكن حين رأيت جفون وجبين صديقتي وكيف تغير شكلها، وعادت بالعمر 10 سنوات لم أستطع المقاومة". وتضيف: "من يجرب عمليات التجميل سيكررها كل بضعة أشهر".

وتعترف الفتاة الثلاثينية العزباء "اليوم أحقن بوتوكس حول عيني وفي الجبين كل ستة أشهر.. أدخر أموالا لأقوم بذلك. لم يعد بوسعي التخلي عن ذلك.. أصبح الأمر وكأنه إدمان".

لكن (ميس) أصغر من أن تجري عملية شد للوجه، فهي في سن العشرين، وتحمل ملامح طفولية، ومع ذلك ترى أن وجهها بحاجة إلى البوتوكس قبل أن تصيبه التجاعيد، ولذلك انتظرت دورها في عيادة طبيب التجميل لإجراء تجميل لم يكن ضروريًا حتى.. ومبررها أن صديقاتها فعلن الأمر ذاته.

ويرى الطبيب النفسي والاستشاري في منظمة الصحة العالمية تيسير حسون، أنّ ازدياد عمليات التجميل في سوريا قد يكون أحد مفرزات ونتائج الحرب؛ فارتفاع أعداد الإناث قياسًا بالذكور، أدّى إلى ارتفاع معدلات التنافس بين النساء.

وبيّن حسون "أنّه يجب أن نفرّق بين مفهومين؛ عمليات الترميم وعمليات التجميل، مردفًا "عمليات الترميم تكون بسبب ضرورة طبية والذي يقررها هو الطبيب، بينما في عمليات التجميل الأدوار مقلوبة؛ المريض هو مَن يقرّر وليس الطبيب".

ورأى أنّ الجراحة التجميلية هي أكثر المجالات الطبية ارتباطًا بالإعلان، وقد ازدهرت بسببه، وباتت في جزء كبير منها مادة إعلانية استهلاكية، مشيرًا إلى أنّ الأمر الذي يبعث على القلق هو أن "الإعلان عن اختيار أنف جديد، بات كشراء ثوب".

رغم توسع سوق التجميل وانتشار مراكزه في كل المدن السورية، إلا أنه لا يمكن تحقيق أي دخل للاقتصاد الوطني من عمليات التجميل، وكل الإجراءات المتعلقة به. حتى بالنسبة إلى الدخل الذي يمكن توفيره من قبل الجنسيات العربية التي تقصد سوريا بهدف القيام بتلك العمليات أو ما يسمى السياحة العلاجية، فهي لا تحقق دخلاً للاقتصاد السوري يكاد أن يذكر.

يقرأون الآن