لبنان عانى لعقود من الصراعات السياسية والاقتصادية. اغتيلت رموز سياسية، ثقافية، وإعلامية، وصدرت أحكام بحق بعض مرتكبيها ولم يتم توقيف أي مذنب.
قضايا فساد تناولها الإعلام وفضحها ولم يحاكم مرتكبوها، حرب استمرت لأكثر من ثلاثين عاما وما زال أمراؤها يتربعون على كراسيهم من دون محاسبة تعرضت العاصمة بيروت إلى أكبر انفجار غير نووي شهده التاريخ، ورغم مرور تلك السنوات، لم تأت التحقيقات بأي جديد حيث لا تزال الجهود القضائية المرتبطة بهذا الملف بعيدة عن تحقيق العدالة، لذلك يجد اللبناني نفسه اليوم أمام قضية معقدة تمس معيشة الشعب وجني عمره الذي نهب وضاع بين سراديب الفساد والسياسات المالية الفاشلة التي شارك فيها مسؤولون وموظفون وسياسيون وزعماء ولم تقتصر فقط على حاكم المصرف المركزي السابق رياض سلامة.
يسألني صديق لماذا كل هذا الاهتمام والضجة الإعلامية حول قضية رياض سلامة؟
فأجبته أن هذه القضية ليست مجرد قضية فساد مالي وسياسي، بل هي قضية تمس الحياة اليومية للبنانيين. منذ بدء الأزمة الاقتصادية في 2019، شهد اللبنانيون تراجعاً حاداً في قيمة الليرة اللبنانية، وتدهوراً في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والتعليم والرعاية الصحية. الملايين من الناس فقدوا مدخراتهم في البنوك، كبار السن الذين أفنوا حياتهم بانتظار مدخرات نهاية الخدمة حتى يعيشوا حياة كريمة بعد كل هذا التعب وجدوا أنفسهم مفلسين لا يستطيعون تأمين قوتهم أو ثمن أدويتهم، يعيش اليوم أكثر من نصف الشعب اللبناني تحت خط الفقر.
هذه القضية ليست مجرد محاسبة فرد، بل صرخة لملايين المواطنين الذين يأملون أن تتم محاسبة كل فرد من "الزمرة الفاسدة" الذين شاركوا في إفلاس الشعب وانهيار البلد بشكل غير مسبوق لم يصله لبنان في أوج الحرب اللبنانية.
القضية لا ترتبط فقط بشخص أو مؤسسة بل هي قصة شعب بأكمله يعاني من تبعات الفساد وسوء الإدارة.
تمشي في شوارع بيروت أو في أحياء أي بلدة لبنانية وترى الوجوه المتعبة.
المواطن في لبنان يكافح يوميًا لتأمين أساسيات الحياة.
الأزمة جعلت اللبنانيين أسرى اقتصاد متهالك، وحرب على أرض الجنوب، فضلا عن سياسات وقرارات مرهونة بمصالح دول على حساب لبنان واستقراره.
بانتظار ما ستؤول إليه التحقيقات ستبقى هذه القضية تجسيدا لعقود من الفساد وسوء الإدارة التي أثرت على حياة اللبناني وجعلته يصطف أمام أبواب السفارات علّه يجد فرصة لبناء حياته ومستقبله.
ما يحتاجه لبنان اليوم هو العدالة وإعادة بناء الثقة بين الشعب والمؤسسات، ومحاسبة المسؤولين لأن المعاناة لن تتوقف بدون حلول جذرية، تبدأ بمحاسبة المتورطين في الفساد، وصولاً إلى إعادة هيكلة الاقتصاد بشكل يخدم الشعب لا حكامه.
موقع العربية