تنصلت أمريكا من أي مسؤولية في الاعتداء الإسرائيلي على حزب الله والممتدة تأثيراته على مدى يومي الثلاثاء والأربعاء، وقالت: إن إسرائيل لم تحطها علماً بالحادث قبل أن تقدم عليه.
فيما تم التعميم على الوزراء والمسؤولين في إسرائيل بعدم التعليق على الحادث، أو تبني إسرائيل له، وذلك منذ الساعات الأولى للحادث، حيث كان هذا هو ما صدر من واشنطن وإسرائيل.
لكن مع التطورات المتسارعة، وتزايد في أعداد القتلى والمصابين ، حيث شهدت الموجة الثانية للتفجيرات الأربعاء مقتل 20 شخصاً بينهم أربعة من حزب الله وإصابة 450 ، فضلاُ عن الترويع الذي مس كل اللبنانيين، بدأت تتكشف أمور، وروايات، غير تلك التي صاحبت الحادث وقت حدوثه، ما غيب الحقيقة، أو حاول، وترك الجميع يتخبط بين استنتاجات تكاد تلامس الواقع.
حتى مستشار رئيس وزراء إسرائيل الذي كان مُتسرّعاً، وغرد بمسؤولية إسرائيل، تراجع مع صدور التعليمات، وحذف التغريدة، ربما حتى لا تظهر إسرائيل بهذه الصورة المشوهة بعد أن ظهرت الأرقام والاحصائيات المفجعة عن عدد الإصابات والقتلى، وبعضهم من المدنيين، وليس مقتصراً على ميليشيا حزب الله من كانوا يحملون الأجهزة اللاسلكية.
وضمن الروايات، ولا زالت تحتاج إلى تأكيد، أن هذه الأجهزة تم شراؤها من تايوان حديثاً، وقد نفت تايوان ذلك لاحقا، وأنها تم تزويدها بمواد متفجرة، ضمن الفرضيات التي تناقلتها وسائل الإعلام من مصادر إعلامية مختلفة، لكن حزب الله طالب مناصريه بعدم تقبل الشائعات حول ما جرى، لعله يعمل بعد هدوء عاصفة الأجهزة اللاسلكية في التحقق من الأسباب التي أدت إلى هذه الانفجارات.
وأياً كانت الأسباب، فلا يمكن أن تكون إسرائيل بريئة مما حدث، وبافتراض أن هناك مواد متفجرة زرعت عمداً لتحقيق هذا الهدف غير الإنساني، وكل المصادر تؤكد على ذلك، فلابد أن تكون إسرائيل وراء ذلك، وأنها هي من قامت بإصدار أوامر تفجيرها، وإحداث هذه الضربة الموجعة لحزب الله.
ومن المؤكد أن حزب الله، وقد استلم هذه الأجهزة منذ شهور، قصّر في اختبارها، ولم يتأكد ما إذا كانت تمت صناعتها من دون شحنها بمواد تفجيرية، خاصة وأن الحزب واحد من أهداف إسرائيل، وتخطط للقضاء على قوته البشرية ، والتخلص من مخزونه من السلاح الذي تمده به إيران.
وما حدث يشكل نقلة نوعية خطيرة، خاصة وأن هذه الأجهزة تستخدم على نطاق واسع بين أعضاء حزب الله، وهي وسيلة الاتصال حتى بين القادة وكبار المسؤولين في الحزب، بما جعل حزب الله صيداً سميناً لإسرائيل، دون جهد، أو خسائر لدى إسرائيل، وفي تطور نوعي في تحييد الحزب في المواجهات القادمة وإجباره على القبول بالواقع كما تفرضه وتريده إسرائيل.
هذا الذي حدث، انتهاك لسيادة لبنان التي لم تكن سيادتها يوماً موضع احترام، وقد قتل أبرياء من المدنيين الذين صادف وجودهم بالقرب ممن كانوا يحملون هذه الأجهزة، أي أن إسرائيل لم تستهدف عناصر حزب الله فقط، وإنما قامت بعمل تهوري وخطير تدان عليه، ولكن حزب الله سيظل طرفاً في المسؤولية، والأهم أن يتم اكتشاف ما الذي حدث في يومي الثلاثاء والأربعاء الداميين، وأين زرعت هذه العبوات، هل في موقع صناعتها، هل في محطة التوقف، أم في لبنان؟!.