"وحدة الساحات" هو مصطلح استخدمته إيران والجماعات العربية المدعومة منها فى الفترة الأخيرة، وهو المصطلح الذى يشير إلى الاستراتيجية الإقليمية التى تنتهجها طهران لتعزيز نفوذها العسكرى والسياسى بالمنطقة.
وقد استخدمت إيران هذا المصطلح فى السابق للتنسيق لتعزيز التواصل والتنسيق بين (حزب الله) فى لبنان، و(الحوثيين) فى اليمن، وجماعات أخرى تدعمها فى العراق وسوريا، وقد استطاعت أن تُنشئ شبكة مترابطة من هذه الجماعات بحيث يتم التعامل معها كوحدة متكاملة.
إلا أن أبرز ما كانت تقصده إيران من إطلاق هذا الشعار هو التأكيد على أن أى هجوم على إحدى الجماعات أو الميليشيات المدعومة منها، سيكون بمثابة هجوم على الجميع، لكننا نرى خلال الأيام الماضية، خصوصًا مع استهداف إسرائيل لحزب الله فى لبنان، أن المصطلح قد فقد صلاحيته للاستخدام.
ليست الضربات التى تشنها يوميًا إسرائيل على أهداف حزب الله هى الأساس فى فقدان المصطلح لمعناه ودلالته، بل هناك الكثير من الأمور التى ساهمت فى ذلك، منها على سبيل المثال الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والاضطرابات الداخلية التى أثرت على قدرة إيران على مواصلة تمويل ودعم حلفائها العسكريين بالقدر نفسه الذى كان عليه فى السابق.
فضلًا عن ضغوط العقوبات الدولية، والتى تجعل من الصعب على النظام الإيرانى الحفاظ على زخمه الإقليمى.
خطوة تطبيع العلاقات بين إيران وبعض دول الخليج ربما أيضًا من الأمور التى أثرت على "وحدة الساحات"، حيث أعادت بعض الميليشيات المدعومة من إيران تقييم مواقفها واستراتيجياتها، أو أن إيران ذاتها غيرت نهجها الصدامى فى المنطقة، ناهيك عن خلافات بين جماعات تدعمها إيران فى العراق، ما يؤكد عدم القدرة على تنفيذ استراتيجية موحدة.
السؤال هنا: هل تكف إيران عن استخدام المصطلح، وبالتالى تتخلى عن أذرعها بشكل كامل؟
الإجابة لا، فمن غير المحتمل أن تتخلى إيران بالكامل عن أذرعها الإقليمية، لأنها تشكل فى الأساس جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها للردع والتمدد الإقليمى، لكنها قد تضطر إلى تقليل دعمها المالى والعسكرى لبعض الجماعات، أو ربما تعيد ترتيب أولوياتها.
هنا نسأل: وماذا عن حزب الله، هل تتخلى عنه إيران فى معركته مع إسرائيل؟
الحقيقة أن إيران لن تتورط بشكل مباشر فى المواجهة العسكرية مع تل أبيب، ومع تحول الاستراتيجية الإيرانية قد يجد حزب الله اللبنانى نفسه فى موقف حساس للغاية، فهو يدير معركة كبرى مع إسرائيل، لكن ظهيره الإقليمى ربما يكون فى مرحلة مراجعة الحسابات، وبالتالى سيكون الحزب وحيدًا فى المعركة، فضلًا عن الضغوط الداخلية فى لبنان، بما فى ذلك الأزمة الاقتصادية والسياسية.
اللوم ليس على إيران بكل تأكيد إذا ما حاولت تغيير تكتيكاتها فى المنطقة، اللوم دائمًا على الميليشيات التى تُستخدم (بضم التاء) لتحقيق أغراض قوى إقليمية كبرى. اللوم دائمًا على من يُلقى بأفراده وشعبه فى معركة غير متكافئة وغير محسوبة العواقب.
المصري اليوم