يعد الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، النجل الأكبر لمؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله - ثاني رئيس للبلاد بعد والده، إذ جرى انتخابه في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2004 رئيساً للدولة الخليجية التي تأسست في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) من عام 1971.
والدته هي الشيخة حصة بنت محمد بن خليفة بن زايد آل نهيان. ولد في السابع من سبتمبر (أيلول) من عام 1948 في قلعة المويجعي في مدينة العين التابعة لإمارة أبوظبي عاصمة البلاد، وعاش مع عائلته في القلعة نفسها، حيث تلقى تعليمه المدرسي في المدرسة النهيانية التي أنشأها الشيخ زايد، وقضى معظم طفولته في واحات العين، والبريمي بصحبة والده الذي حكم منطقة العين في ذلك الوقت.
وظل الشيخ خليفة ملازماً لوالده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله - في مهمته لتحسين حياة القبائل في المنطقة، وإقامة سلطة الدولة، مما كان له الأثر الكبير في تعليمه، كما لازم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان المجالس العامة.
عُين ممثلاً لحاكم أبوظبي في المنطقة الشرقية، ورئيساً لنظامها القانوني في أغسطس (آب) 1966، كما عُين ولياً للعهد لإمارة أبوظبي في الأول من فبراير (شباط) 1969، وتولى رئاسة أول مجلس وزراء محلي لإمارة أبوظبي في الأول من يوليو (تموز) عام 1971، بالإضافة إلى حقيبتي الدفاع والمالية في هذا المجلس، وأصبح نائباً لرئيس مجلس الوزراء الاتحادي في 20 يناير (كانون الثاني) 1974، ثم نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات في عام 1976.
عندما انتقل الشيخ زايد آل نهيان إلى مدينة أبوظبي ليصبح حاكم الإمارة في أغسطس 1966، عين نجله الشيخ خليفة - الذي كان عمره 18 عاماً في ذلك الوقت - ممثلاً له في المنطقة الشرقية ورئيس المحاكم فيها. واعتبر هذا التفويض دليلاً على ثقة والده به.
في الأول من فبراير 1969، تم ترشيح الشيخ خليفة ولي عهد إمارة أبوظبي. وفي اليوم التالي، تولى مهام دائرة الدفاع في الإمارة. وأنشأ الشيخ خليفة دائرة الدفاع في أبوظبي، التي أصبحت فيما بعد النواة التي شكلت القوات المسلحة لدولة الإمارات، وفي الأول من يوليو عام 1971، وجزءاً من إعادة هيكلة حكومة أبوظبي، تم تعيينه حاكم أبوظبي ووزيراً محلياً للدفاع والمالية في الإمارة. في 23 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1973، تولى الشيخ خليفة منصب نائب رئيس الوزراء في مجلس الوزراء الثاني. بعد ذلك بوقت قصير، وفي العشرين من يناير 1974، تولى مهام رئاسة المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، الذي حل محل الحكومة المحلية في الإمارة.
وأشرف الشيخ خليفة بن زايد على المجلس التنفيذي في تحقيق برامج التنمية الشاملة في إمارة أبوظبي، وأمر بتأسيس جهاز أبوظبي للاستثمار عام 1976، وذلك بهدف إدارة الاستثمارات المالية في الإمارة، لضمان توفير مصدر دخل ثابت للأجيال القادمة. وتم انتخاب خليفة بن زايد رئيساً للدولة في 3 نوفمبر 2004، في أعقاب وفاة والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في 2 نوفمبر 2004.
عرف عن الشيخ خليفة ممارسة عدد من الهوايات، بما في ذلك صيد السمك والصيد بالصقور (القنص)، حيث انعكس ذلك على اهتماماته العديدة، خصوصاً من خلال دعمه لعدد من المشروعات البيئية، بما في ذلك برامج إكثار وتحرير الصقور وطيور الحبارى في مناطق شبه الجزيرة العربية وآسيا الوسطى. وتعيين وزير للبيئة في الحكومة الأولى التي شكلت في عهده. ويعد الشيخ خليفة من عشاق الرياضة، وتشمل الهوايات الأخرى الأدب والتاريخ.
شهدت البلاد في عده نهضة تنموية واسعة، حيث أمر الشيخ خليفة بن زايد في عام 2005، بتنفيذ بُنية تحتية شاملة في جميع أنحاء البلاد، ووجه بتخصيص 16 مليار درهم (4.3 مليار دولار) لتطوير البنية التحتية، والمرافق الخدمية في الإمارات الشمالية لدفع عجلة التقدم الاقتصادي والاجتماعي في هذه المناطق، لتواكب ما شهدته الإمارات الأخرى من تطور حضاري وعمراني. وحتى عام 2013، تم إنجاز أكثر من 24 ميناءً، وتشييد مستشفى الشيخ خليفة في رأس الخيمة، وبناء آلاف المنازل، بالإضافة إلى عدة طرق سريعة، وتقاطعات، وأنفاق.
بدأ عهده رحلة التمكين في سنة 2006، مع ولادة المجلس الوطني الاتحادي، وهو مجلس استشاري يضم 40 عضواً بينهم نساء، حيث عمل على تنظيم أول عملية انتخابية في ذلك العام لإشراك الأبناء في العملية السياسية والمساهمة في صناعة مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة.
شهدت السياسة الخارجية في عهد الشيخ خليفة بن زايد، توازناً في العلاقات مع دول المنطقة والعالم، كما عملت الإمارات على رفع التعاملات مع الدول إلى مستويات الشراكة الشاملة، وتعزيز العلاقات مع دول مجلس التعاون والدول العربية، بالإضافة إلى الحدث التاريخي باتفاق الإمارات وإسرائيل على مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة.
سمى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أطول برج في العالم باسم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حيث كان من المقرر أن يكون اسمه برج دبي، وقال الشيخ محمد بن راشد في ذلك الوقت، «كل أغلى نقطة في العالم لا بد أن تقترن باسم وشخصية عظيمة وأنا أعلن الآن افتتاح برج خليفة بن زايد كأعلى ناطحة سحاب من صنع الإنسان»، وذلك في عام 2010. تعرض الشيخ خليفة بن زايد في نهاية يناير من عام 2014 لوعكة صحية نتيجة جلطة ألمت به.
مساعد الزياني - الشرق الأوسط