أقيم لقاء في قاعة المختار في بلدة الدوسة - عكار بدعوة من بلدية الدوسة وأهالي شهداء وجرحى تفجير التليل، لمناسبة مرور سنة على هذه الماساة الكبرى. حضر اللقاء اهالي الشهداء والضحايا، ووفد اللقاء الروحي العكاري الذي ضم مفتي عكار الشيخ زيد زكريا والخوراسقف الياس جرجس ممثلا راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، الاب ميشال بردقان ممثلا المطران إدوار ضاهر رئيس أساقفة ابرشية طرابلس وتوابعها للروم الملكيين الكاثوليك. كما حضر الدكتور اسعد السحمراني وعدد من العلماء والمشايخ ورؤساء الإتحادات والبلديات والمخاتير وفعاليات المنطقة.
استهل اللقاء بكلمة أهالي الشهداء والجرحى، تلاها رئيس بلدية الدوسة المهندس بلال محمود الذي قال: "نجتمع اليوم لنؤكد امام الجميع ثقتنا بالدولة اللبنانية والقضاء اللبناني والمجلس العدلي ومجرى سير العدالة وصولا الى الحقيقة. وأنا أقف أمامكم اليوم بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن أهالي الشهداء والجرحى لأطالب الدولة اللبنانية ورئاسة مجلس الوزراء والوزارات المعنية وقيادة الجيش بما يلي:
أولا: الاسراع بتطبيق القانون الصادر عن مجلس النواب رقم 289 تاريخ 12/4/2022 والمتعلق بالتعويضات والمعاشات التقاعدية للعسكريين والمدنيين.
ثانيا: استكمال توظيف أقرباء الشهداء العسكريين والمدنيين.
ثالثا: تخصيص راتب شهري للجرحى المعاقين بسبب الإنفجار.
وأضاف: "وندعو الدولة اللبنانية ووزارة الصحة والجمعيات الخيرية المحلية والدولية، والدول الصديقة الذين لم يقصروا في المساعدة، ندعوهم الى متابعة اوضاع الجرحى الذين يواجهون صعوبات في تأمين الادوية اللازمة".
وختم: "نؤكد في عكار على العيش الواحد والمحافظة على السلم الاهلي ونحن تحت سقف الدولة والقانون ، وندعو الله أن يرفع الكرب عن وطننا الحبيب للخروج من ازماته السياسية والاقتصادية التي كانت سببا في هذا الحدث المشؤوم، وستبقى عكار نموذجا يحتذى به في المحبة والتضامن من اجل الوطن".
بدوره قال نقيب المحامين السابق محمد مراد "إن هذه الكارثة أصابت الأبرياء وأهاليهم البؤساء في الصميم، من قرى عكار المتروكة لقدرها: الدوسة، الكويخات، عمار البيكات، عين تنتا، خربة شار، دير عدوية، بربارة، الكواشرة، السنديانة والدبابية، وذهب ضحيتها أكثر من 31 شهيدا وأكثر من سبعين جريحا ومشوها. فهي بهولها وحجمها ونتائجها من الجرائم الضخمة الفظيعة التي حصلت في لبنان، فأصابت أمنه الاجتماعي وبعده الإنساني، وأصبحت في صدارة اهتمامات الرأي العام الداخلي والدولي على السواء".
وتابع: "منذ اليوم الأول لحصول هذه الجريمة الكارثية وحتى هذا التاريخ، خطت هذه القضية على الصعيدين القضائي والتشريعي عدة خطوات كان اهمها: قرار نقابتي المحامين في طرابلس وبيروت منذ اليوم للإنفجار بوجوب إحالتها إلى المجلس العدلي نظرًا لهول الجريمة وآثارها الكارثية، وكذلك لتأمين التوازن بين حقوق الادعاء والدفاع غير المتوافر أمام القضاء العسكري، وقد تلاقى مطلب النقابتين وتفاعل مع جميع الفعاليات الشرعية والروحية والنيابية والبلدية والإختيارية".
وأضاف "بأن التعاون الوثيق بين جميع الفعاليات أدى الى صدور القانون رقم 289 تاريخ 12/4/2022، القاضي بإعطاء تعويضات ومعاشات تقاعدية لذوي الضحايا اللبنانيين الذين قضوا في الانفجار، وتمكين اللبنانيين الذين أُصيبوا فيه من الإستفادة من التقديمات الصحية، وإنّ تنفيذ هذا القانون هو موضوع متابعة من اللقاء الروحي في عكار واللجنة القانونية لإنفجار التليل ومن لجنة المتابعة مع دولة رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصين ومع قيادة الجيش من أجل تطبيقه".
وختم بالقول "ان هذه القضية ستبقى مسؤوليتنا جميعاً، ومتابعتها على الصعيد القضائي هي مسؤولية مهنية وأخلاقية وإنسانية، كما أن متابعتها على الصعيد الإجتماعي من خلال تنفيذ القانون تُعتبر من الأولويات".
وفي ختام اللقاء ألقى المفتي زكريا كلمة جاء فيها: "تطل علينا الذكرى السنوية الأولى لانفجار التليل 15 آب تلك المجزرة التي اقترنت مع تفجير مرفأ بيروت وكأنهما شقيقتان في الجريمة والمأساة، سقط ضحية هذه المجزرة أكثر من 30 مدنيا وعسكريا وأصيب عشرات الجرحى بحروق بليغة، لتزيد جرح عكار ووجعها وحرمانها. لقد حاول البعض أن يجعل من مجزرة التليل وقود فتنة طائفية لكن أبى الشعب العكاري بوعيه وأخوته وبجهود اللقاء الروحي والعقلاء إلا أن يتغلب على هذه الفتنة وأن يجعل هذا الحادث في إطاره الفردي دون تسييس أو تحوير".
وأردف: "طالبنا كما طالب الجميع بإحالة هذه الجريمة على المجلس العدلي، وصدر القرار الاتهامي، لكن هذا القرار لم يقنع أهالي الشهداء والمصابين، حيث لم يشمل المسؤولين ولا المتسببين بهذه الجريمة، وبرأيهم لن يردع المهربين ولا المتاجرين. ونتيجة لمتابعة حثيثة من نقابتي المحاماة في بيروت وطرابلس ولجان أهالي الشهداء والمصابين تم إقرار قانون بمجلس النواب للتعويض على أهالي الشهداء والمصابين لكنه لا يزال بحاجة إلى تفعيل وتنفيذ وتسريع من الوزارات المعنية ومن قيادة الجيش، وهذا ما نقوم ونسعى به حالياً، لعله يساند الأهالي بشيء من حقوقهم، وخاصة الجرحى الذين يتكبدون النفقات الكبيرة لتأمين الدواء والعلاج، وبعضهم بحاجة إلى إكمال علاجه في الخارج".
وتابع زكريا "إننا اليوم نجدد المطالبة بعلاج الأزمات قبل وقوع الكارثة، وبتنا نسمع تهويلا جديدا بأننا مقبلون على أزمة محروقات وفتح أبواب التهريب مجددا لتتجدد الاشكالات التي كانت تحصل بسبب التجمهر على المحطات بحثا عن ليتر بنزين أو مازوت. بل ونحن مقبلون على استحقاق رئاسي بات الشعب اللبناني مترقبا له ولعل البلد وللأسف دخل في مرحلة جمود لحين إنجازه رغم كل الظروف المعيشية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي نعيشها، لذلك نداؤنا لجميع المسؤولين ارحموا شعوبكم، وارحموا دماء شهدائنا، وتجردوا من حساباتكم الضيقة وطائفيتكم المقيتة، وابنوا وطنا لأبنائكم وأحفادكم قبل أن لا ينفع الندم، حتى لا يموتوا نتيجة حرق أو غرق أو مرض أو جوع أو قتل".