ظن كثيرون انه مع حادثة «مركب الموت»، فإن كل من يغامر بالهروب من لبنان عبر البحر بطريقة غير شرعية سيعيد النظر في قراره، وسيفكّر كثيراً قبل الاقدام على خطوة انتحارية كهذه، وايضاً سيرعوي تجار الموت الذين لهم باع طويل في استغلال مصائب الناس ليزدادوا ثراء فوق ثرائهم، حتى لو كانت النتيجة ازهاق المزيد من الارواح لا سيما الاطفال والنساء والشباب.
وفي هذا الاطار، اوضح مصدر معني لـ»نداء الوطن» ان «الجهود التي يبذلها الجيش اللبناني لا سيما مديرية المخابرات تتواصل وتميط اللثام عن عمليات تهريب بأعداد كبيرة، تمكّنت من افشال الكثير منها في الآونة الاخيرة، بعدما عمدت العصابات التي تدير عمليات تهريب الاشخاص الى تكتيكات جديدة من شأنها الاستمرار في عمليات التهريب من دون الوقوع في قبضة الجيش».
وكشف المصدر عن «افشال الجيش احدى اخطر محاولات تهريب البشر والتي تشكل مغامرة غير محسوبة النتائج لمن ارتضى ان يقامر بحياته. ووفقاً للمعطيات التي توفّرت من قبل التحقيق حول الهروب عبر البحر بطريقة غير شرعية، وبناء على معطيات امنية ومراقبة حثيثة من قبل مديرية المخابرات في الجيش، اوقفت قوة من الجيش 113 شخصاً من جنسيات مختلفة، كانوا يستعدون لمغادرة البلاد بطريقة غير شرعية وعبر قوارب تنقلهم عبر البحر، كما تم توقيف مجموعة اخرى قوامها 17 شخصاً من جنسيات مختلفة ينتظرون موعد نقلهم عبر البحر الى الخارج لتبلغ الحصيلة 130 مهاجراً غير شرعي».
وأشار المصدر الى ان «ابرز المعطيات التي توافرت من التحقيقات كشفت عن الوقائع المرتبطة بعمليات التهريب، اذ يأتي الأشخاص الذين يريدون الهجرة غير الشرعية من مختلف المناطق اللبنانية (صيدا، صور، برج حمود، الخ...)، وهم من الجنسيات اللبنانية، السورية والفلسطينية ومن مختلف الأعمار ومن الرجال والنساء والأطفال، الى منطقة الشمال، ويدفع كل شخص مبلغ ثمانية آلاف دولار اميركي، وبعد وصولهم ودفع المبلغ المطلوب يتم اسكانهم في المنطقة وفي غرف يوضع في كل منها عدد من الاشخاص بما لا تتسع لعدد كهذا، ويبقون في هذه الغرف لفترة، بحيث تتولى عصابة التهريب تأمين الحاجيات الضرورية جداً لهم من المأكل، وتبين وفق التحقيقات ان هناك مجموعة كبيرة بقيت مدة 27 يوماً في إحدى الشقق، بإنتظار تأمين الرحلة التي ستنقلهم الى الخارج، واول ما تعمد اليه عصابة التهريب هو سحب الهواتف الخلوية والبطاقات الثبوتية من المهاجرين غير الشرعيين، بحيث ينقطع أي تواصل بينهم وبين خارج اقامتهم في الشقة المكتظة». ولفت المصدر الى انه يتم نقل المهاجرين غير الشرعيين على دفعات، اذ تبين ان الزورق الكبير الذي يريد مغادرة المياه الإقليمية يبقى في عرض البحر ولا يقترب من الشاطئ، ويتم توزيع الأشخاص الذين يريدون الهجرة الى مجموعات صغيرة على طول الشاطئ اللبناني، ومن ثم تأتي مراكب صغيرة تنقل أربعة أو خمسة أشخاص كي لا يلفتوا النظر ويُقلّونهم إلى الزورق الكبير الذي ينطلق لاحقاً في رحلته، وتبين ايضاً انه في بعض الاحيان لا ينطلق الزورق الكبير من لبنان انما من سوريا».
صمت غربي
وأبدى مصدر وزاري معني استغرابه لـ»الصمت الغربي وتحديداً الاوروبي عن عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية، فبينما كانت هذه القضية هي الشغل الشاغل للسفراء والموفدين الغربيين، الذين مارسوا ضغوطات كبيرة على لبنان لمنع تسرّب المهاجرين غير الشرعيين الى اوروبا، فان صمتاً مطبقاً يسود هذه الجهات منذ الربيع الماضي».
وسأل المصدر «هل لهذا الصمت علاقة بالحرب الاوكرانية؟ وهل يتم تسهيل وصول هؤلاء المهاجرين لا سيما الشباب منهم لنقلهم لاحقاً الى اوكرانيا للقتال هناك؟ واذا كان الجواب بالنفي، لماذا يتم منذ اشهر غض الطرف عن الهجرة غير الشرعية بدءاً من قوات اليونيفيل البحرية وصولاً الى السواحل الاوروبية؟ ولماذا لم تعد هذه القضية الشغل الشاغل للدبلوماسيين والموفدين؟».
وحذر المصدر «العائلات اللبنانية لا سيما الشباب منهم من الاستمرار في هذه المغامرة، لان الخشية كبيرة من ان تكون عملية هروبهم من الواقع المزري في لبنان هي بمثابة انتقال الى جحيم آخر، من خلال ارغامهم على الانتقال الى دولة تشهد صراعات او حرب واوكرانيا مثال على هذا الخطر».
نداء الوطن