نجاح القمة العربية الإسلامية

في ظل ظروف بالغة التعقيد، وأجواء لا حديث فيها إلا عن جرائم إسرائيل، ومع مصير مجهول يطوِّق الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان، وينذر بتصعيد يشمل دولاً أخرى في المنطقة، كانت مبادرة المملكة بعقد مؤتمر القمة العربي الإسلامي، وكأن انعقاده الرد الجماعي لأكثر من ملياري عربي ومسلم على هذه المؤامرة الدولية الكبرى على العرب والمسلمين.

في البدء كانت استضافة المملكة وتبنيها لهذه القمة عنواناً كبيراً لنجاح يسبق انعقاده، وتأكيداً على العزم والتصميم على التصدي للتحديات بعد انعقاده، يقود هذا الجهد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشاب محمد بن سلمان، ومن حوله يلتف بالتأييد والمباركة والتعضيد قادة العرب والمسلمين.

وقد شكلت دعوة المملكة لعقد القمة العربية الإسلامية بالرياض مساراً لإيجاد موقف موحَّد على مستوى العالم العربي والإسلامي، حيال أعمال التصعيد التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة والجمهورية اللبنانية، وهو جهد كبير مقدر يقوده الأمير محمد بن سلمان بالتزامن مع تطورات الأوضاع الراهنة التي تشهدها المنطقة، ومع استمرار العدوان الإسرائيلي المتوحش على قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان.

في القمة العربية الإسلامية السابقة التي عُقدت منذ عام بالرياض، وبمبادرة من المملكة أيضاً نجحت اللجنة الوزارية الخماسية المنبثقة عن المؤتمر في إقناع إسبانيا وإيرلندا والنرويج بالإعلان عن اعترافها بالدولة الفلسطينية، ويتوقّع من القمة العربية الإسلامية الثانية التي اختتمت اجتماعاتها مساء الاثنين أن تكون هناك دول أخرى في طريقها للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وفي كلمته قال سمو ولي العهد بأن استمرار إسرائيل في جرائمها من شأنه تقويض الجهود الهادفة لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وأن المملكة تقف إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان، وعلى المجتمع الدولي إلزام إسرائيل باحترام سيادة إيران، وقد نجحنا - يقول سموه- في حث المزيد من الدول المحبة للسلام للاعتراف بدولة فلسطين، كما أدان ورفض سموه رفضاً قاطعاً الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، وانتهاكها لقدسية المسجد الأقصى المبارك، وبالمثل أعرب عن إدانته العميقة للعدوان الإسرائيلي الآثم على لبنان، وأن على إسرائيل احترام سيادة إيران وعدم الاعتداء على أراضيها.

كانت كلمة الأمير محمد بن سلمان في المؤتمر فاتحة خير لقرارات صدرت في نهاية الاجتماع، وشملت أن الأردن هو صاحب الاختصاص بإدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك، وأن على المجتمع الدولي أن يوقف الإجراءات العدوانية الإسرائيلية التي تستهدف المقدسات الإسلامية والمسيحية وتغيير هويتها، وضمن قراراته المطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى خط الرابع من يونيو 1967م وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، لضمان الأمن والاستقرار بالمنطقة والعالم.

في البيان الذي صدر عن الاجتماع تأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف، مع إدانة مواصلة تبني وإقرار الكنيست الإسرائيلي للقوانين العنصرية وغير الشرعية، بما فيها قرار رفض الدولة الفلسطينية.

ومن بين القرارات التي توصل لها المجتمعون التأكيد على أن القوانين والقرارات الإسرائيلية باطلة ولاغية وغير شرعية، ودعوة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى فرض عقوبات على إسرائيل لإجبارها على الامتثال للقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، مع التأكيد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض، والتصدي لأي محاولة لإنكار أو تقويض هذه الحقوق.

وفي البيان هناك تأكيد على أن مدينة القدس ووضعها القانوني والتاريخي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م، ورفض تقويض حرية العبادة في المسجد الأقصى، ومنع المصلين من الدخول إليه، واستباحته وتدنيسه وتخريب محتوياته، وعلى جميع دول العالم وهيئاته التشريعية، والمؤسسات والمنظمات الدولية الالتزام بقرارات الشرعية الدولية فيما يخص مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك.

هذا بعض ما تم التوصل إليها، ما يعني أنها كانت قمة على مستوى مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة والعالم العربي والإسلامي، وستظل المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين مصدر إلهام لكل العرب والمسلمين للدفاع عن قضايانا المصيرية، بحيث أصبح هناك اصطفاف من الجميع مع جهودهما المقدَّرة.

الجزيرة السعودية

يقرأون الآن