مع أن التطورات المتصلة بمسار العدّ العكسي لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني/ يناير المقبل شهدت مفاجأة وازنة عبر مسارعة كتلة "اللقاء الديموقراطي" إلى إعلانها تأييد ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، بدا غداة هذه الخطوة أن غيوم الاحتمالات التي تحوط السباق إلى الرئاسة قد تكثفت ولم تتبدد بقدر ما توقعت أوساط عدة تنظر إلى الترشيح الجنبلاطي لعون من منظار اعتباره علامة متقدمة للغاية حيال ارتفاع مطرد لأسهم قائد الجيش.
ذلك أنه رغم الرجحان الواضح لكفة العماد عون في الطريق إلى جلسة 9 كانون الثاني/ يناير تكشف المعطيات التي أعقبت مبادرة الكتلة الجنبلاطية أن موقفي تكتلين وازنين لا بد من مرور أي مرشح من خلالهما إيجاباً لضمان انتخابه رئيساً للجمهورية لا يزالان قيد التريث وطي البحث الذاتي والحسابات المتصلة بأي ترشيح سيتبناه أي منهما. والتكتلان هما أولاً، تحالف قوى المعارضة التي لم تتخذ موقفاً حاسماً في اجتماعها الأخير في بكفيا، فيما علمت "النهار" أن عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة لن توقف المشاورات الكثيفة بين هذه القوى ونوابها ويفترض توقع لقاءات على جانب من الأهمية بين بعض أركانها من غير المستبعد أن تفضي إلى بلورة متقدمة للموقف الذي ستتبناه وهذه المرة بتسمية المرشح أو المرشحين الذين ستدعمهم المعارضة. وبهذه المعطيات يثبت أن أي تنسيق لم يحصل مسبقاً بين المعارضة والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أو كتلة "اللقاء الديموقراطي" حول مبادرة الأخير لتسمية العماد جوزف عون التي جاءت بقرار اشتراكي خاص عقب عودة رئيسه النائب تيمور جنبلاط ووالده من لقائهما مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس. كما حرّك مجدداً احتمال حصول لقاء بين جنبلاط ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في فترة ما قبل جلسة 9 كانون الثاني.
ولم يتطرق جعجع في كلمته مساء أمس في الاحتفال الميلادي في معراب إلى الاستحقاق الرئاسي مباشرة بل اكتفى بالإشارة إلى أن "لدينا متغيرين نعايد معهما هذه السنة، ففي لبنان أولاً فتحت كل الطرق لبناء الدولة الفعلية، والثاني أنه كان لدينا شرّ كبير هو نظام الاسد الذي سقط". وجدّد دعوته إلى اللبنانيين في بلدان الانتشار للعودة الى لبنان.
أما التكتل الثاني، فهو الثنائي الشيعي الذي لم يوافق بعد عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري على تبني ترشيح قائد الجيش وشكل إثارة بري لموضوع التعديل الدستوري الذي يحتاج إليه ترشيحه وانتخابه مؤشراً واضحاً إلى أن الأمر يستلزم مساومات لم تحصل بعد أو لم تبلغ بعد خواتيمها. وفي هذا السياق أعلن أمس نائب رئيس المجلس السياسي في "حزب الله" محمود قماطي، تمسك الحزب بدعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية اللبنانية، مشيرًا إلى أن "هذا الموقف ثابت طالما ظل فرنجية مرشحًا لهذا المنصب".
وأضاف قماطي أن "حزب الله" لم يتلق أي إشعار بانسحاب فرنجية من السباق الرئاسي"، موضحًا أن "موقف الحزب في دعمه لهذا الترشيح لن يتغير".
وفي ظل هذه الضبابية يرجح الا تظهر معطيات حاسمة قبل بدء السنة الجديدة إذ سيشكل الأسبوع الأخير قبل 9 كانون الثاني/ يناير المسافة الحاسمة الحقيقية لبت مصير الانتخاب والمرشحين والأسماء سواء تم التوافق العريض على إسم قائد الجيش أو إذا اصطدمت الامور بتعقيدات تخلط الأوراق مجدداً وتبقي استحقاق 9 كانون الثاني طي المجهول.
وسط هذه الأجواء استمرت حركة المرشحين على زخمها بين المقرات السياسية والدينية. وفي هذا السياق سجلت أول حركة علنية للمرشح الخبير الدولي للشؤون المصرفية سمير عساف، والذي يعتبر من المرشحين الذين تؤيدهم باريس خارجياً و"التيار الوطني الحر" داخلياً، إذ زار أمس رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في معراب، كما علم انه زار رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في بكفيا.
وفي الوقت نفسه التقى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أعضاء "اللقاء التشاوري النيابي المستقل" الذي ضمّ النواب الياس بو صعب وابراهيم كنعان وألان عون وسيمون أبي رميا، وتحدّث كنعان على الاثر عن “فرصة استثنائية للعودة إلى الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وبناء مؤسسات، وعودة الجميع إلى كنف الدولة، والشرعية الدستورية، واحترام الشرعية الدولية لاستعادة الثقة بلبنان، ولاستعادة الثقة العربية التي نحتاجها ضمن محيطنا لنستمر ونعيد بناء الوطن على أسس سليمة".
وأكد أن "من حق كل شخص أن يترشّح أو كتلة أن ترشّح، اللهم أن نتوصّل في ضوء المعطيات إلى قواسم مشتركة بحثناها مع سماحة المفتي، وهي يجب أن تتخطى الشخص إلى خريطة طريق للخروج من الوضع الذي نحن فيه".