لبنان

بعد طول انتظار.. هل يقرّ قانون العفو العام في لبنان؟

بعد طول انتظار.. هل يقرّ قانون العفو العام في لبنان؟

عقدت "هيئة الطوارئ المدنية في لبنان" مؤتمرا صحافيا في مقرها، بحضور عدد من المحامين واعضاء من "لجنة المحامين والحقوقيين" فيها، تطرقت فيه الى قانون العفو العام وأوضاع السجون، واقترحت صيغة قانون ستعرضها على الكتل النيابية وفقا لما أعلنت.

وقال رئيس الهيئة ايلي صليبا: "تداولت وسائل الاعلام في الفترة الأخيرة، الكثير من الاخبار المتعلقة بإعادة طرح العفو العام على بساط البحث تمهيدا لاقراره في المجلس النيابي، وتبين انه بالفعل شرع تكتل "الاعتدال الوطني" في وضع اقتراح قانون لهذه الغاية، كما وتسعى "لجنة متابعة العفو العام" برئاسة عضو المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى القاضي حمزة شرف الدين الى رفع وتيرة المطالبة بإقرار العفو لاسباب عدة اصبحت معلومة من الجميع".

اضاف: "في هذا السياق تعمل لجنة المحامين والحقوقيين في "هيئة الطوارئ المدنية في لبنان" منذ سنوات على متابعة اوضاع الموقوفين والمحكومين في السجون، ولم تتوان لحظة عن التعاون ضمن امكانياتها المتاحة مع المديرية العامة لقوى الامن الداخلي عبر لجنة السجون في نقابة المحامين في بيروت، بهدف تأمين ما يلزم لحسن سير العدالة وتسريع المحاكمات لا سيما على صعيد سوق الموقوفين وتحسين أماكن التوقيف".

وتابع: "في إطار نشاطها هذا، كوّنت الهيئة فكرة واضحة وشاملة عن أوضاع السجون والنزلاء فيها، والاسباب الكامنة وراء خلق أزمة كبيرة في السجون وتبين للهيئة ما يلي:

1- وجود اكتظاظ كبير في كل السجون سببه الرئيسي والأساسي هو العدد المرتفع للسجناء الاجانب لا سيما السوريين منهم، بحيث أن عدد السجناء اللبنانيين هو حوالي 4800 سجين فقط. أما الاجانب فيبلغ عددهم حوالي 3500 سجين أي اكثر من 40 % من السجناء، منهم ما يزيد عن 2550 سجين سوري.

وبالتالي يكون عدد السجناء الاجمالي حوالي 8300 سجين في 24 سجنا، منهم حوالي 1100 محكوم فقط والباقي موقوفون وعددهم حوالي 7200:

5200 موقوف موزعين على السجون

2000 موقوف موزعين على 230 نظارة تابعة لقوى الامن الداخلي، ما يعني ان معدل عدد الموقوفين في كل نظارة هو 10 موقوفين وهو عدد مرتفع جدا بالنسبة لاحجام النظارات.

ومن هؤلاء الموقوفين من لم يحاكموا وتصدر احكام بحقهم منذ أكثر من 14 سنة، لم تصدر مضابط الاتهام بحقهم بعد اكثر من سنتين على توقيفهم.

2- عدم سوق السجناء الى المحاكم لحضور الجلسات، بسبب النقص في عدد آليات السوق والعناصر المكلفين بالسوق، فقوى الامن الداخلي تبذل الجهود اللازمة لحل هذه الازمة، لكن الواقع الحالي سيىء، بحيث ان عدم سوق سجين الى جلسة محاكمته من شأنه ان يؤجل مثوله امام المحكمة 4 الى 6 اشهر، وهذه كارثة بالنسبة لحقوق الانسان بحيث ان عدم سوق السجين الذي من الممكن ان يصدر حكم ببراءته الى المحاكمة يبقيه احيانا 6 اشهر اضافية في السجن ظلما ودون مبرر، الا ما اعتدنا على تسميته "ازمة السوق".

3- عدم تطبيق احكام المادة 108 ا.م.ج لناحية مدة التوقيف الاحتياطي القصوى اي شهرين للجنحة و 6 اشهر للجناية، ومن شأن تطبيق احكام هذا النص القانوني اخلاء سبيل اكثر من 1000 سجين، كما والمادة 138 ا.م.ج

4- التوسّع في تفسير مبدأ "العطف الجرمي" بحيث ان سلطة الملاحقة تصرّ على تطبيق هذا المبدأ خلافا لمنطقه وهدفه، بحيث ان بعض النيابات العامة تقوم بتوقيف المواطن بمجرد وجود تواصل هاتفي بينه وبين المجرم مهما كان جرمه، لا سيما في الملفات المتعلقة بالمخدرات، ومعظم هؤلاء تعلن براءتهم لاحقا في الاحكام النهائية، فلماذا توقيفهم بحجة الشك الذي لا تعتمده اي دولة مؤسسات في العالم باستثناء لبنان؟ ومن يعوّض على من يتم توقيفه سنة كاملة مثلا ويخرج بريئا؟ وكيف يستعيد سمعته بين الناس؟

5- اصرار محاكم الجنايات على عدم فصل الملفات واكتمال الخصومة للمحاكمة في حضور الاظناء، الامر الصعب توافره في معظم الحالات، ما ينتج عنه إرجاء الجلسات والابقاء على الموقوفين دون احكام، هذا عدا عن الجلسات التي ترجأ بسبب عدم اتمام التبليغات وما شابه.

6- تفاقم ظاهرة تشابه الاسماء بحيث يتم توقيف بعض الاشخاص غير المطلوبين لعلة تشابه الاسماء، او تتم ملاحقة اشخاص بناء على ألقاب منسوبة اليهم هي فعليا اسماء لمطلوبين، او ارقام هاتف منسوبة إليهم دون اي دليل جدي او اثبات، وهذا يحتاج الى عملية تنقية الداتا المتوافرة لدة الاجهزة الامنية بسرعة قصوى".

وقال صليبا: "امام هذا الواقع، وامام وجود اكثر من 50.000 مذكرة غيابية ووثيقة اتصال وبلاغ اخضاع بحق مواطنين لبنانيين، معظمهم لم يجرؤوا على المثول امام الضابطة العدلية خوفا من تطبيق "مبدأ الشك" عليهم وتوقيفهم احتياطيا دون دليل ولا اثبات،

وأمام رفض الاجهزة تنفيذ قرار مجلس الوزراء تاريخ 24/7/2014 لناحية إلغاء وثائق الاتصال وبلاغات الاخضاع، المعمم للتنفيذ من قبل النائب العام لدى محكمة التمييز بتاريخ 6/8/2014، في سابقة على صعيد عدم انفاذ الضابطة العدلية قرار رئيسها القضائي،

وأمام واقعة ان احد الملفات الذي يتسم بـ"الطابع الاسلامي" والذي اوقف فيه حوالي 200 شخص لاكثر من 14 سنة، صدرت احكام براءة بحق حوالي 45 منهم واحكام انزلت عقوبة السجن لمدة سنتين فقط بحق حوالي 150 موقوفا، دون اي اعتبار لمبدأ ان "المتهم بريء حتى تثبت ادانته"،

وأمام واقعة الحكم بعقوبة السجن على مواطن لمدة 7 سنوات بتهمة شراء 6 ربطات خبز لعائلته بعد ان اعتبرت المحكمة مصدرة الحكم ان فعل المواطن هذا هو تمويل للارهاب،

وأمام عدد الموقوفين غير المحكومين الهائل، وهو كما سبق وذكرنا حوالي 7200 موقوف غير محكوم، تتأخر محاكماتهم للاسباب المذكورة آنفا ولسواها من الاسباب، لا بدّ من اقرار قانون عفو عام شامل، لا يتضمن اي استثناء الا بالمعنى الضيّق، يشمل جميع مرتكبي الجرائم قبل تاريخ اقراره على ان تشدد العقوبات للمعفى عنهم في حال ارتكابهم اي جرم بعد العفو عن طريق مضاعفة العقوبة،

وعليه، تقترح "هيئة الطوارئ المدنية في لبنان" مسودة قانون عفو، سوف تعرضها على الكتل النيابية، بحيث يكون القانون كناية عن سبع مواد فقط، وهنا نص المسودة:

المادة الاولى: خلافا لأي نص آخر، يعفى من العقاب وتوقف التعقبات أمام جميع المحاكم العادية والإستثنائية وعلى اختلاف درجاتها في ما يتعلق بكافة الجرائم المرتكبة قبل تاريخ نشر هذا القانون سواء كانوا مرتكبيها من الفاعلين أو المتدخلين أو المحرضين أو المخبئين، وأكانوا محكومين او موقوفين وجاهيا او غيابيا او ملاحقين او فارين.

المادة الثانية: يعفى من العقاب وتوقف التعقبات أمام جميع المحاكم العادية و الإستثنائية وعلى اختلاف درجاتها في ما يتعلق بكافة الجرائم المرتكبة قبل تاريخ نشر هذا القانون بحق كل من لم يتم الادعاء عليه او تحريك دعوى الحق العام بحقه قبل تاريخ صدور هذا القانون.

المادة الثالثة: يستثنى من الاستفادة من أحكام هذا القانون:

1- كل ما يتعلق بالدعاوى المرتبطة بحقوق شخصية مهما كان نوع هذا الحق، وذلك لحين استحصال مرتكب الجرم على اسقاط حقّ من صاحب العلاقة.

2- مرتكبو الجرائم الواقعة على المال العام والأملاك العمومية والبيئة والاثار والأوقاف ومرتكبو جرائم الاثراء غير المشروع والإتجار بالبشر والتعذيب وتبييض الأموال والفساد والاغتصاب.

3- مرتكبو جرائم قتل العسكريين بصورة مباشرة والمتخذين ورثتهم صفة الإدعاء بحق شخصي قبل تاريخ اقرار هذا القانون وذلك لحين استحصال مرتكب الجرم على إسقاط لهذا الحق.

المادة الرابعة: في حال ارتكب المستفيدون من احكام هذا القانون جنحة خلال مدة ست سنوات وجناية خلال مدة عشر سنوات تبدأ من تاريخ نفاذ هذا القانون، تضاعف العقوبة المقررة للجرائم التي يرتكبونها ولا يحق لهم عندها الإستفادة من أية أسباب أو أعذار تخفيفية او من تخفيض العقوبات.

المادة الخامسة: يعاد اعتبار كل المعفى عنهم عفوا عاما بموجب هذا القانون بشكل فوري دون الحاجة لانتظار المدة المنصوص عنها في المادتين 159 و160 من قانون العقوبات اللبناني، في ما يخص الجرائم المعفى عنهم بخصوصها، وذلك وفقا للاصول المنصوص عنها في المادتين 144 و 145 من قانون اصول المحاكمات الجزائية اللبناني.

المادة السادسة: يتقاضى المحامون كافة اتعابهم المتفق عليها مع موكليهم بخصوص القضايا التي تشملها احكام هذا القانون دون اي نقصان وكأنهم اتموا اعمالهم حتى آخر مرحلة، ولا يجوز للموكلين التحجّج بصدور هذا القانون للتنصل من التزاماتهم مع المحامين، الا اذا اتفق المحامي مع موكله خلاف ذلك.

المادة السابعة: يعمل بهذا القانون فور نشره".

وذكر صليبا أن "إيجابيات العفو العام تتمثل بما يلي:

1- خلق حالة وئام بين بيئة تعتبر نفسها على عداء مع الدولة بسبب الكم الهائل من مذكرات التوقيف بحق ابنائها، والدولة التي بالعفو، تتقرّب من هذه البيئة وتصبح مقبولة لديها اكثر، وبين المواطنين بحيث ان قانون العفو هو بمثابة مصالحة اجتماعية بين اللبنانيين للعديد من الاعتبارات.

2- ردع الجريمة بقوّة باعتبار ان تشديد العقوبات عبر مضاعفتها بعد العفو تجعل الشخص يعيد حساباته الف مرة قبل الاقدام على ارتكاب اي جرم.

3- تحريك العجلة الاقتصادية بحيث ان ما يعرف بالـ"طفار" سيعودون الى مناطقهم ويعيشون بشكل طبيعي ويمارسون اعمالا شرعية دون الخروج عن القانون.

4- تبييض السجون تمهيدا لاصلاحها واعادة تأهيلها كأمكنة صالحة لاعادة التأهيل والاصلاح وليس لوضع الانسان في ظروف صعبة".

وقال: "ان محاولة تصوير العفو العام على انه اخراج 8000 مجرم من السجون، هو امر غير واقعي على الاطلاق ومجاف للحقيقة، اذ ان القصد الاساسي من هذا القانون فتح صفحة جديدة على الصعيد القضائي والقيام بكل الاصلاحات اللازمة في النظام القضائي وهذا لا يتطلب سوى تطبيق قانون اصول المحاكمات الجزائية بحذافيره لا سيما احكام المواد 47 و 108 و 138 منه، لذلك فإن النواب مطالبون اليوم بالموضوعية والتجرد في مقاربة اقتراح قانون العفو العام بعيدا عن اي شعبوية او مصالح اتخابية ضيقة".

وختم: "وعليه، تضع هيئة الطوارئ المدنية حالة مرفق العدالة والسجون هذه بعهدة الرأي العام اللبناني، كما وتضع بعهدته اقتراحها هذا بخصوص قانون العفو العام، وستتواصل مع كافة الكتل النيابية سعيا لاقرار هذا العفو بأسرع وقت ممكن".

يقرأون الآن