2025.. عشر إشكاليات أمام الإدارة الأميركية

مع تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهامه في البيت الأبيض في 20 يناير 2025، يدور التساؤل حول كيفية تعامله مع الأوضاع الإقليمية والدولية، وكيفية إيجاد الحلول، وحسم الصراعات الراهنة، وأهمها أزمتا أوكرانيا وغزة خاصة، وأن الأمر سيتجاوز بالفعل وقفاً للحرب من أعلى، أي بقرار من الإدارة الأميركية الجديدة.

الإشكالية الأولى: إنهاء حرب أوكرانيا، وهو أمر ليس هيناً في ظل التصعيد الراهن لروسيا لاستثمار ما يجري من تطورات في مسارح العمليات لتحقيق تقدم في العمق الأوكراني، والإبقاء على الوجود الروسي في الأقاليم الأربعة التي تم ضمها للفضاء الروسي، وفقاً لتعريفات الأمن القومي الروسي، وعدم وجود أية مقاربات جديدة للحل في ظل التصعيد الغربي تجاه روسيا.

الإشكالية الثانية: مسالة غزة، وكيفية التعامل مع الترتيبات الأمنية والاستراتيجية إذا توقف إطلاق النار، وتم حسم الأمر بالفعل، والدور الأميركي المفترض أن يتم في سياق ما يجري من أولويات مهمة، الأمر الذي يؤكد أن ترتيب الأوضاع في غزة من خلال التعامل مع السلطة الفلسطينية سيحتاج إلى مراجعات ومواقف حاسمة، وليس فقط مجرد تمنٍ، أو الدعوة إلى الحل من دون وجود فرص، وفي ظل دور أميركي مفترض، للتعامل مع ما سيجري من تطورات حقيقية.

الإشكالية الثالثة: المتوقعة، والمفترض أن يوجد لها حل، التعامل مع «الناتو» شريكاً، وليس طرفاً مناوئاً يمكن أن يحدث شقاقاً بين الجانبين الأميركي والأوروبي، وفي ظل مخاوف أوروبية من تعاملات الولايات المتحدة مع إدارة «جمهورية»، ترفع شعاراً محدداً ومنضبطاً قائماً على فكرة النفقة والتكلفة والعائد.

الإشكالية الرابعة: التعامل مع الصين، من خلال رؤية حاسمة قائمة على فكرة محددة أهمها، عدم الاستمرار في نهج العلاقات التجارية الراهنة، والتعامل وفق منظومة جديدة من الخيارات، وتطويق المواقف الصينية تجاه التعامل مع الاقتصاد الصيني، الذي يتفوق على نظيره الأميركي، الأمر الذي يتطلب مراجعة حقيقية وكاملة في السياسات المالية والاستثمارية، ما قد يعطي دلالات بأن المواجهة الصينية- الأميركية مقبلة لا محالة.

الإشكالية الخامسة: التعامل مع الحالة الروسية، خاصة بالنسبة لاتفاقيات ضبط التسلح والأمن الدولي، وكيفية إلزام الولايات المتحدة بالعمل بها،خاصة مع تهديدات الرئيس المنتخب بضرورة مراجعتها بالفعل، وقد لا يلتزم بنصوصها، خاصة مع إعلان الرئيس بوتين عما يعرف بالاستراتيجية الروسية الجديدة، ما يؤكد أن احتمالات العودة للحرب الباردة واردة. الإشكالية السادسة: هذه الأزمات، إعادة ترتيب الولايات الأميركية في مناطق الصراعات الراهنة، ومنها منطقة القرن الأفريقي والجنوب الأفريقي، حيث تتداخل الصراعات الإقليمية، والتي تتطلب دوراً أميركياً في ضوء استراتيجية الأمن القومي الأميركي. مع إدارة الرئيس ترامب ستجد الولايات المتحدة نفسها أمام صراعات مكبوتة وأخرى معلنة، ليس فقط في الجنوب الأفريقي، بل في مناطق أخرى.

الإشكالية السابعة: التعامل مع الصراعات الراهنة والمتوقعة في جنوب شرق آسيا في ظل ما يجري في شبه الجزيرة الكورية، والتي تحتاج إلى دور فاعل ومؤثر ومتنامٍ بالفعل، وهو الأمر الذي يرتبط بخيارات أخرى متعلقة، بما هو قائم من أولويات، خاصة أن الصراع الكوري ممتد وتاريخي، ولا يحتاج إلى حلول مؤقتة، أو تسكين، أو إعادة ترتيب للمهام والأولويات، خاصة أنه قد تندلع تطورات مفاجئة، مثلما جرى في الداخل الكوري الجنوبي فجأة، أو أن يُحدِث تطوراً مفصلياً في كوريا الشمالية.

الإشكالية الثامنة: ترتكن على ضرورة حسم التعامل مع الشركاء في مواقع الأزمات مثلما يجري مع دول الخليج ومصر والأردن والعراق، وهي دول تحتاج إلى نموذج مختلف في التعامل، تأكيداً للشراكة المطروحة في توقيت له دلالاته من حيث الأهمية وإطار العلاقات، وفي ظل مخاوف أميركية في تحول العلاقات مع الشركاء إلى دول أخرى مثل الصين وروسيا، وهو ما يجري في ظل حالة من السيولة السياسية التي تجري في النظام الدولي.

الإشكالية التاسعة: التعامل الأميركي الجاد مع الدعوة لعالم متعدد الأقطاب، والانتقال تدريجياً إلى نظام دولي جديد تجد فيه الولايات المتحدة قوى أخرى – برغم التقدير أن حسابات القوة الشاملة ما تزال تعمل للولايات المتحدة – ولكن الإشكالية الحقيقية في تغير النظام الدولي، بما قد يؤدي إلى تبعات سياسية مختلفة، وبما تقر سياسات أميركية مخالفة، وهو ما ينطبق بالفعل على مناطق النفوذ والتأثير التي تعمل فيها السياسة الأميركية الراهنة، وتراهن على استمرارها، ما يؤكد أن الموقف الأميركي تجاه التحول لنظام دولي جديد.

الإشكالية العاشرة: تعامل الإدارة الأميركية مع الرئيس المنتخب ترامب لتغيير العقيدة الاستراتيجية للولايات المتحدة وعدم الانخراط التدريجي في التعامل مع الأزمات الدولية أو الإقليمية، وهو أمر سيكون محل تشكك أن يجري في ظل خيارات صعبة يمكن أن تجري، خاصة أن تصريحات الرئيس ترامب لن تتطابق مع الموقف الأميركي الراهن في سوريا والعراق والخليج، ومناطق أخرى من المنظومة الدولية.

في المجمل، ستجد الإدارة الأميركية نفسها أمام تحولات صعبة وخيارات معقدة ومتشابكة بالفعل، ما قد يؤدي إلى اتباع استراتيجية مختلفة تنبع من تقديرات صعبة، وخطة أهداف صعب تحقيقها، ما لم تنخرط واشنطن بالفعل في مسارات الحل، وليس النظر من أعلى لصراعات طويلة ومعقدة بالفعل.

الاتحاد

يقرأون الآن