بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي، انتخب البرلمان اللبناني في التاسع من يناير 2025 العماد جوزف عون، رئيساً للجمهورية، في خطوة وصفت بالتاريخية، حيث حملت معها آمال اللبنانيين في إعادة بناء وطنهم واستعادة مجده العريق. جاء انتخاب عون بعد مخاض سياسي طويل، عكس تبدل التوازنات الداخلية وتراجع قبضة بعض القوى التقليدية، ما أعاد الأمل في استقلالية القرار اللبناني.
وفي 8 فبراير 2025، نجح رئيس الوزراء نواف سلام في تشكيل حكومة جديدة، ضمت 24 وزيراً، بينهم خمس نساء، ما يعكس تطوراً لافتاً في المشهد السياسي اللبناني، وإصراراً على إشراك جميع الطاقات الوطنية في إعادة إعمار البلاد. تعهّدت الحكومة الجديدة بتنفيذ إصلاحات جذرية، تهدف إلى إخراج لبنان من أزمته الاقتصادية، وإعادة ثقة المجتمع الدولي به، في وقت تترقب فيه الدول العربية والغربية خطوات إصلاحية جدية تمهد لاستعادة الدعم المالي والاستثماري.
بعد جهود مضنية ومفاوضات شاقة، خرجت حكومة نواف سلام إلى النور، حاملة معها وعوداً كبيرة بالتغيير. وتميزت الحكومة بتوزيع متوازن للمقاعد الوزارية، حيث تولى ياسين جابر، وزارة المالية بتسمية من حركة أمل، فيما حصلت القوات اللبنانية على أربع حقائب وزارية، ما يعكس انفتاحاً على جميع الأطراف السياسية.
أكد سلام، أن أولويات حكومته تشمل تنفيذ إصلاحات مالية ضرورية، ومكافحة الفساد، وإعادة بناء المؤسسات، بالإضافة إلى السعي للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي لمساعدة الاقتصاد اللبناني على التعافي. كما تعهد بتطبيق قرارات دولية تضمن استقرار الحدود اللبنانية، في ظل التوترات الإقليمية المستمرة.
لطالما كان لبنان نموذجاً للصمود في وجه المحن، ومنبعاً للحضارة والتقدم. ورغم الأزمات التي عصفت به، لايزال أبناؤه متمسكين بإرادة الحياة، مسلحين بثقافتهم الغنية، وعزيمتهم التي لا تلين. بيروت، مدينة الفينيق، تنهض مجدداً من تحت الرماد، لتثبت أن لبنان، مهما قست عليه الظروف، سيظل منارة للحرية والثقافة والإبداع.
الراي