في إطار تنامي فاعلية الدبلوماسية السعودية، تحتضن الرياض قمة استثنائية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بمشاركة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وذلك من أجل بدء مفاوضات سلام حول أوكرانيا، فيما أفصحت مصادر روسية بأن غداً الثلاثاء من المقرر بدء أولى اجتماعات محادثات السلام.
وتمنح فرصة انعقاد القمة الاستثنائية في الرياض التأكيد على مكانة السعودية بوصفها دولة مؤثرة يتجاوز نفوذها محيط الإقليم إلى العالم لتلقي بثقلها السياسي على الساحة الدولية من أجل تشخيص واقع المشكلات واجتراح حلول جوهرية للأزمات وبالتالي دعم الاستقرار العالمي، طبقاً لما يؤكده محللون سياسيون لـ"العربية.نت".
في السياق ذاته، يقرأ البروفيسور صالح الخثلان، أستاذ العلوم السياسية، واقع عقد أول قمة أميركية - روسية في الرياض بأنها تعزز صورة السعودية بصفتها وسيطا محايدا عبر جهودها الإنسانية ومساعيها الدبلوماسية.
ويقول الخثلان: قدمت السعودية مساعدات إنسانية لأوكرانيا، فيما توسطت عام 2022 لإطلاق سراح عدد من الأسرى بين أوكرانيا وروسيا، كما استضافت في جدة في 2023 الاجتماع الثاني لمستشاري الأمن الوطني من 40 دولة لبحث سبل إنهاء الحرب.
ويؤكد الدكتور صالح الخثلان المستشار الأول في مركز الخليج للأبحاث أن اختيار السعودية بصفتها منصة لأول قمة بين الرئيسين الأمريكي والروسي لبحث إنهاء الحرب في أوكرانيا يُعد إنجازًا دبلوماسيًا كبيرًا للسعودية، إذ يؤكد مكانة الرياض دولياً فضلاً عن ثقة القوى الكبرى في حيادها وقدراتها الدبلوماسية كما ذكر.
ويذهب الخثلان بالإشارة إلى أن قمة الرياض تعد تأكيدا للتقدير الدولي لدور السعودية الوزان في الأزمة الأوكرانية، إذ حافظت السعودية على موقف متزن تجاه الحرب في أوكرانيا، داعمة قرارات الأمم المتحدة ضد استخدام روسيا للقوة العسكرية، غير أنها امتنعت في الوقت ذاته عن المشاركة في فرض عقوبات عليها ما يؤكد نهجها المستقل في السياسة الخارجية.
وساطة دولية
وقال في سياق حديثه: إن للسعودية تاريخا طويلا في لعب دور الوسيط، ولعل أبرز محطات هذا الدور مؤتمر الطائف عام 1989، الذي نجح في إنهاء الحرب الأهلية في لبنان، غير أن ما يحدث اليوم يمثل انتقالًا نوعيًا من الوساطة في النزاعات الإقليمية إلى الوساطة في القضايا الدولية الكبرى، ما يعكس تطور الدور السعودي العالمي.
الرياض وفرص ترتيب الأوضاع
من جهته، يقول الدكتور عياد المناع، الباحث السياسي الكويتي إن استضافة قمة بين بوتين وترمب في الرياض يعزز فرص السعودية يؤكد مكانة الرياض دولياً خاصة في ظل وجود قيادة سعودية ترتب الأوضاع بشكل يسمح للملتقين والمتفاوضين أن يطرحوا القضايا بوضوح وصراحة وحياد.
وأشار في سياق حديثه بأن السعودية تتمتع بمستوى صداقات واسع مع الطرفين سواء روسيا أو أميركا وتعاملت مع الطرفين تجارياً وسياسياً ما يشجع الأطراف كافة على الذهاب إلى السعودية لطرح قضاياهم التي يعتقدون بأهميتها وضرورتها.
وقال: العامل المشترك الأساسي بين الطرفين هو الحرب الأوكرانية، الرئيس الأميركي ترامب وعد بإنهائها بمجرد وصوله الرئاسة وبوتين يود إنهاءها هو الآخر، لذا فإن السعودية المكان المناسب نظراً إلى أهمية دورها وعلاقاتها مع الطرفين ومكانتها الوازنة في المجتمع الدولي، وهو ما جعل الرئيس ترمب يختارها كأول محطة لزياراته والالتقاء بزعيم الطرف الآخر من العالم بوتين.
وأضاف الدكتور عايد المناع الباحث السياسي الكويتي: تحظى هذه القمة بأهمية عالمية كونها تجمع أهم دولتين في العالم وكذلك لما تناقشه من قضايا مثل الصراع الروسي الأوكراني وبالتأكيد ستكون هناك إشارات لقضايا أخرى مثل مناقشة قضية فلسطين والأوضاع الاقتصادية والنفط باعتقادي أيضا أن السعودية ستدخل بشكل وبآخر لطرح ملف حل الدولتين وبهذا تفعل القرارات الدولية.