سوريا

تسريبات حول مسودة الإعلان الدستوري السوري تثير الجدل

تسريبات حول مسودة الإعلان الدستوري السوري تثير الجدل

بعد ساعات من إعلان الرئاسة السورية للمرحلة الانتقالية تشكيل لجنة لصياغة مسودة الإعلان الدستوري، واجتماع الرئيس أحمد الشرع مع أعضاء اللجنة، تداولت وسائل الإعلام ومواقع السوشال ميديا تسريبات حول بنود سيتضمنها الإعلان الدستوري المنتظر، بينها صلاحيات رئيس الجمهورية في المرحلة الانتقالية، وتُسند له القيادة العليا للجيش والقوات المسلحة والأمن في البلاد، وتعيين مجلس شعب مصغر من مختلف المكوّنات السياسية والكفاءات خلال 60 يوماً من تاريخ إصدار الإعلان الدستوري الذي سيضمن 48 مادة، وتشكيل الأحزاب على أُسس وطنية، كما كشفت التسريبات "عن عزم اللجنة تحديد شكل وطبيعة، النظام الجديد في البلاد".

وأثارت التسريبات ردود فعل متباينة في الشارع السوري، حول صحتها أولاً، واحتدمت الآراء حول محددات الإعلان الدستوري الذي هو دستور مؤقت، بينما أكدت مصادر إعلامية قريبة من السلطة أن الإعلان الدستوري سيكون خلاصة للحوارات التي جرت في المحافظات في إطار مؤتمر الحوار الوطني، خلال الأسبوعين الماضيين، وتم إقرارها في مؤتمر الحوار في العاصمة دمشق.

ومما طرح في تلك الحوارات العودة إلى دستور عام 1950 أي دستور ما قبل حكم البعث، كدستور مؤقت، بعد تعديله لملاءمة المرحلة الراهنة. واقتراح آخر للعودة إلى دستور 2012 الذي أقره الرئيس المخلوع بشار الأسد، بعد تعديل بعض المواد.

ضمان حقوق النساء

الناشطة السياسية ومؤسسة "منظمة مساواة"، د. مية الرحبة، قالت لـ "الشرق الأوسط"، إن الحديث عن دستور 1950 يتسم بالعاطفة، ولا علاقة له بالواقع وتجاوزه الزمن، أما دستور 2012، فقد حاولنا مع مجموعة من خبراء قانون عام 2015 دراسة إمكانية تعديله، وتبين أن مائة مادة منه على الأقل تحتاج إلى تعديل ويستحيل البناء عليها، لما فيها من تناقضات.

ورأت الرحبي أن سوريا تحتاج لمبادئ دستورية ضامنة لحقوق النساء: "اجتمعنا في باريس عام 2017، وكنا عدداً من خبراء قانون من داخل وخارج سوريا، وناقشنا المبادئ الدستورية لإعلان دستوري يتضمن مبادئ ضامنة لحقوق النساء، وفيما بعد عملنا لمدة سنتين مع خبراء من سوريا وتونس وأوروبيين، وخرجنا بكتيب عن الدستور الضامن لحقوق النساء".

وأكدت الرحبي أن المبادئ الدستورية أي الإعلان الدستوري، يجب أن تكون "مؤسسة للدستور الدائم فيما يتعلق بشكل الدولة والسلطات والحقوق والحريات"، بالإضافة إلى ذلك هناك قضايا تكون في المبادئ الدستورية لا يتضمنها الدستور الدائم، مثل قضايا العدالة الانتقالية وعودة المهجرين وإعادة الإعمار، وهو ما نتمنى من اللجنة العمل على تحقيقه".

أهم عناصر الإعلان الدستوري

إبراهيم دراجي، أستاذ القانون الدولي أوضح، أن الإعلان الدستوري المؤقت هو "وثيقة دستورية تنظم إدارة البلاد خلال فترة الأزمات التي يتم فيها إلغاء الدستور الأساسي، ريثما تستعيد البلاد مسارها الديمقراطي عن طريق الانتخابات، وصياغة دستور دائم".

ودراجي أحد أبرز الخبراء القانونيين في سوريا المتخصصين بالدستور، وقد أعد وثيقة "سوريا بدائل دستورية" بالتعاون مع خبراء محور الحوكمة والتحول الديمقراطي، وبناء المؤسسات في برنامج الأجندة الوطنية لمستقبل سوريا.

ويؤكد أن الإعلان الدستوري المؤقت هو "دستور مصغر لتنظيم إدارة البلاد في الفترة الانتقالية، يتضمن ما بين 40 إلى 50 مادة. وفي السياق السوري، يضيف د. الدراجي، يجب أن تتضمن عناصر رئيسية وهي:

تحديد السلطات القائمة في المرحلة الانتقالية، وصلاحيات الرئيس، وصلاحيات مجلس الوزراء، بالإضافة إلى دور السلطة التشريعية أو البرلمان المؤقت الذي يعيّنه الرئيس، وموضوع الحريات والمحاكم والسلطة القضائية، كما يحسم الإعلان الدستوري بقاء المحكمة الدستورية العليا، وآلية تعيينها وكل القضايا المتعلقة بها.

يتابع الخبير الدستوري، أن الإعلان المرتقب، يجب أن يحدد آلية صياغة الدستور الدائم ومدة إنجازه، وآلية اعتماد لجنة صياغة الدستور، عما إذا كانت بالتعيين أم بالانتخاب، كذلك آلية اعتماد الدستور الدائم، عن طريق الاستفتاء أم عن طريق السلطة التشريعية المعينة.

ويحدد الإعلان الدستوري المؤقت إذا كان سيتم تشكيل هيئات إضافية، مثل هيئة عليا للانتخابات، أو مفوضية عليا للعدالة الانتقالية، فالدساتير المؤقتة تضمن كيفية الاستجابة لآثار النزاع، وفي سوريا نحتاج إلى دستور يشير إلى قضايا العدالة الانتقالية، وقضايا المهجرين قسرياً، والآثار الناجمة عن النزاع.

وكان عضو لجنة صياغة الدستور أستاذ القانون، أحمد قربي، قال في تصريحات إعلامية إن اللجنة ستقوم بإعداد صياغة قانونية لمحددات أساسية سيتم وضعها من قِبل رئاسة الجمهورية. وإن اللجنة ستستند في صياغتها إلى إطار قانوني هو خطاب "النصر" الذي فوض رئاسة الجمهورية للرئيس أحمد الشرع، وأيضاً البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني الذي أعطى رئيس الجمهورية صلاحية تشكيل لجنة صياغة الإعلان الدستوري.

وصدر بيان رئاسي سوري، مساء الأحد، وأعلن تشكيل لجنة من 7 أساتذة قانون بينهم سيدتان. تتولى هذه اللجنة مهمة صياغة "مسودة الإعلان الدستوري الذي ينظم المرحلة الانتقالية" على أسس القانون وبناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.

ومن المنتظر أن يتم تشكيل حكومة للفترة الانتقالية بعد صدور الإعلان الدستوري المتوقع خلال أيام قليلة، مع انتهاء فترة حكومة تسيير الأعمال بعد 3 أشهر ممن التكليف تنتهي مطلع آذار/ مارس الحالي.

وكان الرئيس أحمد الشرع قد تعهد لدى توليه رئاسة المرحلة الانتقالية في 29 كانون الثاني/ يناير، في خطاب "النصر" بإصدار "إعلان دستوري" للمرحلة الانتقالية بعد تشكيل "لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي مصغّر" وحلّ مجلس الشعب.

يقرأون الآن