كيف اندلعت شرارة الأحداث في الساحل السوري؟

وصل عدد القتلى نتيجة الأحداث التي يشهدها الساحل السوري إلى 70 قتيلاً غالبيتهم من قوات الأمن السوري ومسلّحين موالين للرئيس المخلوع خلال اشتباكات "غير مسبوقة" دارت الخميس بين الطرفين في ، في حين فرضت السلطات الأمنية حظر تجوال في المنطقة حتى صباح الجمعة.

وقالت مصادر خاصة في اللاذقية إن عدد القتلى يتزايد في كل لحظة، مع استمرار الاشتباكات والقصف، بالإضافة إلى عشرات الجرحى والأسرى، في حصيلة غير نهائية للاشتباكات والكمائن التي شهدها الساحل السوري بين عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية ومسلحين من جيش النظام المخلوع".

ودفع الجيش السوري، فجر الجمعة بأرتال عسكرية كبيرة نحو الساحل لصد ما قال إنها "هجمات موالين لنظام بشار الأسد"، كما تم استخدم الطائرات المسيرة "الشاهين" لملاحقة المسلحين بريف اللاذقية. وأكد أن العشرات منهم أصبحوا بيد قوات الأمن العام.

كيف اشتعل الساحل؟

بدأ التوتر في بلدة بيت عانا، بريف جبلة، وهي مسقط رأس اللواء في جيش النظام السابق، وقائد الفرقة 25 سهيل الحسن، الهارب إلى موسكو، بعد منع مجموعة من الأهالي، قوات الأمن من توقيف مطلوب، لتبدأ بعدها هذه القوات بحملة أمنية في المنطقة اشتبكت خلالها مع مسلحين. وتطور الأمر إلى استهداف "عناصر وآليات لوزارة الدفاع" قرب البلدة، ما أسفر عن مقتل عنصر وإصابة آخرين.

عقب ذلك، تعرضت قرى حرف الساري وبعبدة ودوير بعبدة والدالية ووادي القلع وبيت عانا لقصف مدفعي وصاروخي من الكلية البحرية التي تتمركز ضمنها إدارة العمليات العسكرية، فيما استهدفت المروحيات مواقع في بيت عانا مع تحليق مكثف للطائرات.

وبعد تصاعد التوتر وشن ضربات بالمدفعية والطيران المروحي على قرى في ريف جبلة، خرج بيان عن "المجلس الإسلامي العلوي في سوريا والمهجر" على فيسبوك، برئاسة غزال غزال، ندد فيه بـ"تعرض منازل المدنيين لقصف الطيران الحربي"، ودعا أهالي "سوريا عامة، والساحل السوري خاصة، إلى اعتصام سلمي في الساحات" الجمعة من أجل "إعلاء صوت الحق في وجه الظلم"، بدءا من الساعة الثانية بعد الظهر، في مدن عدة بينها اللاذقية وطرطوس ودمشق وحمص.

وتلبية لهذه الدعوة، خرج الآلاف في اللاذقية وطرطوس، ونددوا بالقصف على قرى جبلة، وأتبعوا ذلك بمطالبات أخرى من بينها رحيل الرئيس السوري أحمد الشرع.

الإعلان عن "المجلس العسكري لتأسيس سوريا"

بالتزامن مع هذه الاحتجاجات، خرج بيان يعلن عن تأسيس ما يسمى "المجلس العسكري لتحرير سوريا" يحمل توقيع العميد غياث دلا، وهو أحد أشهر ضباط الفرقة الرابعة التي كان يديرها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السابق.

وجاء في البيان: "بعد شهور من الظلم والاضطهاد، وفشل النظام المتطرف في حماية الوطن والشعب، وتدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية، ومع احتلال القوى الأجنبية لأرضنا، نعلن عن تأسيس المجلس العسكري لتحرير سوريا".

وقال البيان إن "الهدف من هذا المجلس هو استعادة سيادة سوريا وحماية الشعب من كافة المخاطر، وإعادة بناء الدولة على أسس وطنية وديمقراطية".

وذكر أن المجلس يهدف أيضا إلى "تحرير كل شبر من الأراضي السورية من القوى المحتلة والإرهابية، وإسقاط النظام القائم وتفكيك أجهزته القمعية، وحماية أرواح وممتلكات المواطنين السوريين".

وعقب هذا البيان، اندلعت اشتباكات عنيفة في معظم مناطق الساحل السوري، حيث تم الإعلان عن سيطرة مجموعات مسلحة تابعة للمجلس المذكور على الكلية البحرية في جبلة ومطار للمروحيات العسكرية في بلدة اسطامو بريف اللاذقية، وفقا لمصادر "إرم نيوز".

كما تم تنفيذ كمائن ضد الحواجز التابعة للأمن العام قرب حميميم وجبلة والقرداحة، فيما شهدت محافظة اللاذقية اشتباكات عنيفة لم تتوقف حتى صباح اليوم.

هذه الهجمات التي استهدفت مواقع ونقاط الأمن العام ووزارة الدفاع وصفها مدير إدارة الأمن العام في محافظة اللاذقية، المقدم مصطفى كنيفاتي، بأنها كانت "مدروسة ومعدة مسبقا"، حيث استهدفت المجموعات المسلحة عدة نقاط وحواجز أمنية، إضافة إلى دوريات في منطقة جبلة وريفها، ما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوف القوات الأمنية.

تعزيزات بالآلاف

على أثر ذلك، بدأت التعزيزات الأمنية بالوصول من عدة محافظات، بالإضافة إلى دعم عسكري من وزارة الدفاع، بعد أن تمكنت القوات الأمنية من امتصاص الهجوم، واستعادة بعض المواقع والنقاط.

من جانب آخر، وإثر هذه الاشتباكات التي سقط فيها العشرات من عناصر الأمن العام ووزارة الدفاع، انتشرت دعوات شعبية في محافظات إدلب وحمص وحماة وريف حلب وريف دمشق والقنيطرة ودير الزور لمناصرة القوات الأمنية في الساحل السوري.

وجاءت هذه الدعوات عبر مكبرات الصوت في المساجد، حيث وثقت فيديوهات عديدة دعوات إلى "الجهاد" والتوجه إلى الساحل السوري.

كما خرجت عدة مسيرات شعبية في دمشق وريفها وحلب وحمص، وحماة، دعماً لقوات الأمن العام، ورفعت شعارات تؤكد وقوفهم إلى جانب القوات الأمنية والجيش ضد "فلول النظام".

وأعلنت إدارة الأمن العام فرض حظر تجوال عام في اللاذقية وطرطوس وحمص، ابتداءً من الساعة 10:00 مساء الخميس وحتى الساعة 10:00 صباح اليوم الجمعة، بناءً على "التوجيهات الأمنية، فيما وصلت أرتال تضم الآلاف من العناصر والجنود إلى مدن الساحل، بما فيها اللاذقية، وبدأت في ملاحقة "فلول النظام" فيما تؤكد مصادر "إرم نيوز" أن اشتباكات وقصفا عنيفا تشهده المدينة وريفها حتى هذه اللحظة.

يقرأون الآن