من المعيب أن يترك السودان لِقَدرِه، يعبث به مغامرون سودانيون، ومرتزقة من الأجانب، فيقتل الناس، وتدمر البلاد، ويكون السودان الحبيب أرضاً وشعباً تحت ممارسات من يتآمرون على السودان بقصد أو عن جهل.
كيف يمكن قبول ما يجري في السودان، بدءاً من وجود جيش وطني، يقابله ميليشيا باسم الدعم السريع، ومن حكومة شرعية، وهناك حكومة موازية لها، ومن حرب مدمرة، تُغذَّى من الخارج في مؤامرة واضحة لتمزيق السودان، وتركه نهباً لمن لا يراعي المصلحة في وحدته وأمنه واستقراره.
لقد طالت الحرب، بين كر وفر، واستخدمت فيها كل أنواع الأسلحة، وهدم ما هدم في مدنها، وقتل من قتل من مواطنيها، وشرد عشرات الآلاف منهم، وأصبحت البلاد بلا أمن ولا استقرار، والمستقبل مظلم، وتحضّر الدولة لما هو أسوأ، وتمضي الأيام والشهور والسنوات، ولا من بريق أمل لحل يقبل به الجميع.
حاولت المملكة في بدء الأزمة أن توجد حلاً لها، وجمعت الأطراف إلى كلمة سواء، من خلال حوار بناء، فاستضافت الفرقاء، وتوصلت الأطراف إلى ما يمكن اعتباره خريطة طريق لفك الأزمة، وإيجاد حلول لها.
غير أن أعداء السودان من الداخل والخارج لم يتركوا الأمور تسير بما ينقذ البلاد من هذه الجرائم التي ترتكب، وهذا العدوان الذي يُشن، وكأنه لا يكفي السودان ما خلفته الانقلابات والحروب والصراعات السابقة من آثار مدمرة ليقوم ما قام به حفنة من طلاب القيادة والشهرة من المغامرين.
وها هي حكومة موازية يُعلن عنها، ومما يضحك ويبكي أن يتم تداول البحث حولها في دولة خارجية، وأن يتم الإعلان عنها من ذات الدولة، ما يؤكد على أنها مؤامرة لتقسيم السودان كاملة الأوصاف والأركان.
ولا يمكن القول بأن هذه الدولة الأجنبية التي انطلق منها إعلان الحكومة الموازية ليس لها مصلحة في ذلك، أو أنها بريئة من تآمرها على وحدة السودان وأمنه واستقراره، فكيف بالسودانيين أن ينساقوا إلى القبول بمؤامرة أجنبية تدمر بلادهم، وتجرها إلى التمزق والتفتت، بينما الأولى أن يكون الهدف الأسمى لدى هؤلاء هو التمسك بوحدة البلاد، والبحث عن حلول سلمية لهذه الحرب، ومن خلال الحوار مع الحكومة الشرعية.
لقد طفح الكيل، وانكشف الغطاء وخرج المستور إلى العلن، وتبين أن مشكلة السودان في بعض من يتزعم المشهد منهم، بدليل ما نراه من رفض لكل الحلول السلمية، والإصرار على مواصلة الحرب مع كل آثارها ونتائجها وويلاتها الخطيرة، وليس هناك من يسمع ويصغي للعقلاء والحكماء من محبي السودان، الحريصين على وحدته وسلامة أراضيه، وأمن شعبه.
إن أحداً لن يكون حريصاً على السودان، متمسكاً بأمنه واستقلاله واستقراره بأكثر من السودانيين، ولا مصلحة لأحد في السودان يوازي أو يقترب من مصلحة السودانيين أنفسهم، فالله الله لا تنخدعوا بمن يدعمكم بالسلاح والمرتزقة ليقتل بعضكم بعضاً، ولتدمروا بلادكم، وتُنهكوها اقتصادياً، وثم لن يكون بمقدوركم إصلاح ما أفسدته الحرب غير المبررة.
الجزيرة السعودية