نقطة تأسيسية أؤكد عليها مرة أخرى، وهى أننى أرى أن ما حدث فى السابع من أكتوبر 2023 كان مغامرة غير محسوبة العواقب من حماس، وهو ليس رأيى فقط، بل صار رأى بعض قادة حماس الذين خرجوا منذ أسابيع ليؤكدوا ذلك. ولم يتهمهم أحد بأنهم يروجون للفكر «الصهيوأمريكى».
كما أرى أن حماس افتقدت خلال السنوات الأخيرة أساسيات لعبة السياسة، ولا أعرف السبب فى ذلك، أهو من داخل الحركة أم عوامل خارجية؟.
كان هذا رأيى حتى خرجت وسائل إعلام خلال الأيام الأخيرة ببنود عرض حمساوى يحمل رائحة لعبة السياسة المفقودة لديها مؤخرًا. الوسائل نقلت عن المفاوض الأمريكى السابق لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، أن حماس اقترحت تبادل جميع الأسرى وهدنة من 5 إلى 10 سنوات تتخلى فيها عن سلاحها، وتكون أمريكا ودول أخرى ضامنة ألا تشكل الحركة تهديدًا عسكريًا لإسرائيل، وألا تشارك فى السياسة مستقبلًا.
توقعت فور قراءتى لهذا التصريح أن تنفيه مصادر من حماس، لكنى فوجئت بأن مصادر داخل الحركة خرجت للصحافة تؤكد أن قيادات الحركة طرحت هذه الفكرة بالفعل، وليس لعشر سنوات فحسب، بل مع احتمال تمديدها لفترة أطول!.
وشرحت المصادر أن الحركة منفتحة على هذا الخيار منذ قبل الحرب حتى، وليس بعدها، بل إن الفكرة كانت مطروحة فى سنوات سابقة، لكن المفاجأة أن إسرائيل كانت الطرف الذى يرفضها!.
طرح الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حماس، فكرة الهدنة طويلة الأمد قبل اغتياله، وأعلنها على الملأ مشترطًا انسحاب إسرائيل من الأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967، والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، وعدم التدخل فى الشأن الفلسطينى الداخلى.
الفكرة تبناها أيضًا عبد العزيز الرنتيسى وصرح بها لوكالة رويترز فى 2004، قبل أن تغتاله إسرائيل!.
وفى 2007 تبنى نفس الفكرة القيادى الحمساوى خالد مشعل- قبل محاولة اغتياله الفاشلة- والراحل إسماعيل هنية، الذى اغتالته إسرائيل بعد 19 سنة من طرحها، وكان شرط القيادات هو إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وعدم الاعتراف بإسرائيل.
ثم أعيد الطرح فى 2016، لكن من دون التوصل إلى أى نتائج.
الآن، ليس خافيًا على أحد أن حركة حماس تواجه خطرًا كبيرًا، وهو خطر القضاء عليها بالكامل، ولهذا أعتقد أنها فتشت فى دفاترها التفاوضية القديمة، وعادت إلى لعبة السياسة من جديد، ربما هذه المرة للضرورة، ربما لفضح إسرائيل أمام العالم من جديد إن رفضت هذه الفكرة، وربما أيضًا استغلال وجود شخص مثل ترامب على رأس السلطة فى واشنطن، وهو شخص يؤمن كثيرًا بالصفقات، رغم دعمه الكامل لإسرائيل.
ليس خافيًا على أحد أيضًا أن شعبية الحركة فى غزة لم تعد كما كانت، والدليل هو التظاهرات التى خرجت خلال اليومين السابقين فى القطاع تطالب برحيلها عن حكم غزة، وأظن أيضًا أن هذا المطلب الشعبى موجود داخل الحركة نفسها، ولو بشكل براجماتى حتى تعيد بناء نفسها من جديد.
المصري اليوم