إقتصاد

ركود تجاري يُفاقم الدولار الجمركي والغلاء

ركود تجاري يُفاقم الدولار الجمركي والغلاء

لا يستبشر أبناء صيدا خيراً، وآمالهم بانتخاب رئيس للجمهمورية سريعاً لوقف الإنهيار الإقتصادي ما زالت معلقة على حبال الهواء والخلافات حتى إشعار آخر، فيما زاد تطبيق الدولار الجمركي من مخاوفهم.

سلام باشو، صاحب محل تجاري، ينظر إلى بضائعه المتراكمة من مختلف الاكسسوارات والزينة والساعات والمسابح والمظلّات والشموع، يقلّب ناظريه يميناً وشمالاً وهو ينتظر زبوناً قادماً بعدما كان دكّانه الشهير لا يخلو من واحد على الأقلّ على مدار الساعة.

يقول باشو لـ"نداء الوطن": "بدلاً من أن نستبشر خيراً بانتخاب رئيس الجمهورية وإنهاء الفراغ، يطبّق الدولار الجمركي ويرتفع الدولار ليزيد من الركود والجمود"، قبل أن يضيف بحسرة "كلّ بضائعي بالدولار والإقبال على الشراء تراجع الى حدّه الادنى، لم يسبق أن مرّت علينا أوقات كهذه، رغم أنّنا دخلنا في موسم التحضير لأعياد نهاية العام، ومن المفروض أن تكون الحركة ناشطة، لقد سرقوا الفرحة من الناس وتحول حلمهم الى تأمين قوت اليوم من طعام وشراب".

ويعتبر شارع الشاكرية من أقدم الأسواق التجارية في المدينة وفيه مختلف أنواع المحال، من العطارة إلى الفلافل وافران الخبز والمناقيش ومطاعم الفول والحمص والكنافة وبيع اللحوم والدجاج وبسطات الفواكه والخضار والحلويات، وهو يمتدّ من القلعة البحرية غرباً الى البرّية جنوباً.

في الجهة المقابلة، يواظب عدنان نحولي على ترتيب بضائعه من الهدايا على اختلافها الخاصة بالحج والعمرة، وتتنوّع بين المسابح والعطور والسواك والبخور والحنّة وسجادة الصلاة والمصاحف واللوحات القرآنية واكسسوارات الاطفال من أسوار وعقود وحلى أخرى، يقول: "إنّ تراجع أعداد الحجاج هذا العام أثرّ كثيراً على البيع، نحن نعتمد على هذا الموسم تحديداً، إضافة الى تنظيم بعض حملات العمرة في نهاية كل عام حتى شهر رمضان".

وسط الشارع، يقف الفتى إسماعيل كردية خلف عربة جوالة، يضرب بسكين عريض حبّات جوز الهند ليفصل القشرة السميكة عن محتواها، يبيع الواحدة بخمسين ألفاً، ويقول لـ"نداء الوطن": "لقد تبدّل كل شيء، الناس كانت تقبل على أكل جوز الهند لأنّ طعمه لذيذ ويعتبر طازجاً في موسمه، أصبحوا اليوم يسألون عن السعر ثم يمضون في حال سبيلهم، البعض يردّد العين بصيرة واليد قصيرة وهناك أولويات أكثر ضرورة ممّا يعتبر نوعاً من التحلية".

حال الركود والتراجع ترصدها على أرض الواقع الخيّاطة رودانا العتيق، في مشغلها في الشارع المقابل حيث تعلّمت المهنة من والدتها قبل ثلاثين عاماً، قبل أن تفتح المشغل المتواضع بعدما عملت عقدين من الزمن في المنزل.

تؤكد العتيق لـ"نداء الوطن" أنّ الناس "لم تعد تشتري الإ الضروري جداً، من الثياب إلى الكماليات وبعض الاحتياجات إستغنت عنها إلى الأبد مثل الفواكه والتحلية والحلويات وصولا الى الثياب الجديدة"، وتضيف "يأتي الزبائن إلى هنا ليعيدوا الحياة إلى بنطال أو جاكيت ممزّقة ومهترئة وقد أكل عليها الدهر وشرب، لا قدرة لديهم على استبدالها بالجديد، ويشكون في أحاديثهم من الغلاء وارتفاع الاسعار، الناس في ضيقة ولا يعلم بحالها الا الله وربما تنام من دون أن تأكل".

أمّا جارتها فاطمة الفضل، وتملك مكتباً للإدارة والمحاسبة، فتقول: "لقد باتت العودة إلى بحبوحة الماضي حلماً جميلاً ولكنّه أصبح مستحيلاً، لقد خسرت الناس أجمل شيء في حياتها العيش بكفاف قوتهم بعيداً من ذُلّ السؤال".

محمد دهشة - نداء الوطن

يقرأون الآن