العالم العربي بين ما نتمناه وما لا نتمناه!

تتصدر الدول العربية قائمة الدول الأقل استقراراً، الأكثر في النزاعات، التي لا ترتبط بمواثيق تضبط إيقاع العمل والاستقرار، حيث الحروب والانقلابات، وتعدد المرجعيات لقيادة بعض الدول.

انظروا ما يجري في ليبيا من وجود جيشين وحكومتين، وتنازع على السلطة في حكم البلاد بين هذا الطرف وذاك، وفي السودان هناك حكومة، وأخرى موازية أعلن عنها مؤخراً، وهناك جيش وميليشيا باسم الدعم السريع، وحرب طاحنة منذ عامين.

غير ذلك، ففي لبنان ميليشيا باسم حزب الله ينافس الجيش اللبناني ويتفوّق عليه بالسلاح وعدد الأفراد، ويتلقى الدعم من الخارج، وما زال ينازع الجيش رغم هزيمته من إسرائيل، ويرفض إلقاء السلاح، وتفكيك قوته لصالح الجيش الوطني، رغم ما سببه من مآسٍ وانهيار للدولة اللبنانية.

هل تريدون المزيد؟ شاهدوا ما جرى من حروب في العراق وسوريا واليمن، وما تركته هذه الحروب من آثار مدمرة لهذه الدول على مدى سنوات طويلة، بما أضرتها في تحقيق التنمية لسنوات طويلة قادمة، ومن دون أن تتمتع شعوبها بالاستقرار والعيش الكريم خلال الحروب، وهناك غيرها من الدول، وإن كان ذلك بنسب متفاوتة.

أسأل بألم، ماذا أفادت دولنا من هذه الانقلابات العسكرية، والخلافات المزمنة، والصراعات التي لا تنتهي، غير هذه المشاهد المبكية للأوضاع من فقر، وتخلّف في التعليم، والصحة، والتنمية، وعدم احترام لحقوق الإنسان، بينما كان بالإمكان أفضل بكثير مما لو أن هذه الدول وغيرها لم تتعرض لما تعرضت إليه.

دعونا من الماضي والحاضر الذي طوّق هذه الدول، وأدخلها أسيرة فيما هي عليه الآن، ماذا عن المستقبل؟ هل من علاج لأمراضها وصراعاتها وخلافاتها ومغامرات المغامرين بين مواطنيها، لتتحول من واقع مرير، إلى مستقبل مشرق، يتنفس فيه المواطنون حقهم في الحياة الحرة الكريمة؟

لقد بلغت الخلافات، والتشرذم مبلغاً لا يسر، ووصل إلى نهايات مؤلمة في كل شيء، فلا مكاسب من هذه الحروب، ولا فائدة من استمرار هذه الخلافات، وما من أحد مستفيد منها، فالجميع في حالة خسارة وهزيمة مدوِّية، حتى وإن رفع بعضهم شعار النصر، والسعي لتحسين الواقع، والحرص على مصلحة المواطنين، فهي ثقافة تفتقر إلى الصدق والأمانة والأهداف الجميلة.

آن لدولنا، ولشعوبنا أن تتمتع بالهدوء، والاستقرار، وأن تؤول مسؤولية إدارتها للخيرين منها، وللكفاءات بين أبنائها، ضمن عمل وتنظيم مؤسسي، يترجم الإصلاحات إلى واقع يتحقق على الأرض، وإلى مشاهد تسر الناظرين، وما عدا ذلك فهو هراء في القول، واستغفال للبسطاء من الناس، حتى وإن حملت الشعارات مثل هذا الكلام المعسول، ببريقه الكاذب، الذي نسمعه صباح مساء.

مشهد السودان بحكومتين بجيشه ودعمه السريع، واليمن بمليشيا الحوثيين، ولبنان بحزب الله، وسوريا بفئاته القتالية، وليبيا بجيشين وحكومتين، وهكذا في فلسطين ومع دول أخرى، هو هزيمة لعالمنا العربي، وانتصار لأعدائنا، فمتى نعي ذلك، ونتعرف على حجم الأخطار والتحديات المحدقة التي تنتظرنا؟

الجزيرة السعودية

يقرأون الآن