بينما تمسك رئيس الجمهورية اللبنانية بالحوار والصبر مع حزب الله لتنفيذ القرار 1701، الذى ينص على تسليم سلاح حزب الله للدولة وتولى الجيش مسؤولية حفظ الأمن فى الجنوب ومجمل الأراضى اللبنانية، إلا أن أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم أعلن رفضه نزع سلاح الحزب، وقال «نحن لن نسمح لأحد أن ينزع سلاح حزب الله أو سلاح المقاومة، وإن فكرة نزع السلاح يجب أن تُزال من القاموس»، واعتبر أن هذا السلاح هو الذى حرّر الوطن وحمى سيادته، ورفع الرجل من نبره تحذيراته بالقول سنواجه من يعتدى على المقاومة، ويعمل على نزع سلاحها كما واجهنا «إسرائيل وأمريكا وأذنابهما».
وقد كرر الشيخ نعيم نفس الخطاب الذى قيل قبل العدوان الإسرائيلى على لبنان وتجاهل أن هذا العدوان أدى إلى سقوط آلاف الضحايا وتدمير مئات المبانى ومحو ضيع بأكملها من على الخريطة وفكك الجانب الأكبر من القدرات العسكرية لحزب الله، وأن المطلوب ليس الاستسلام للشروط الإسرائيلية إنما الاعتراف بأن أغلب المكونات اللبنانية كانت تطالب قبل الحرب بتسليم سلاح الحزب للدولة ورفضت هيمنته على القرار السياسى والعسكرى اللبنانى، وبالتالى لا يجب القبول بما يردده بعض قادة حزب الله بأن ما يجرى حاليا هو فقط بسبب العدوان الإسرائيلى وتجاهل موقف غالبية اللبنانيين قبل العدوان الإسرائيلى.
سيضطر حزب الله لتسليم معظم سلاحه لأن الجانب الأكبر منه تم تدميره على يد جيش الاحتلال الإسرائيلى، سواء صبر رئيس الجمهورية أم لم يصبر، لأن القرار للأسف أصبح نتاج توازنات إقليمية ودولية فرضت نفسها على الأرض وباتت إسرائيل هى المخلب الذى يفرض هذه التوازنات الجديدة.
مقاومة المشروع الإسرائيلى تجاه المنطقة مطلوب، ولكنه لن يتم وبحكم الواقع الحالى بالمقاومة المسلحة، ولن يستطيع سلاح حزب الله أن يدخل فى أى معركة مع إسرائيل، وبالتالى حان الوقت أن يعمل ولو تيار داخل الحزب ودوائر أوسع من أنصاره على تبنى أنماط جديدة من المقاومة المدنية والسلمية تفتح الباب أمام ظهور أجيال مدنية فى لبنان «عابرة للطوائف» تتواصل مع المؤسسات الدولية لفضح الجرائم الإسرائيلية فى لبنان وفلسطين وتؤسس لمشروع سياسى جديد لا يشطب من حيث المبدأ خيار المقاومة المسلحة، وقد يتجه إليه عند الضرورة وفى حال وجود إجماع داخلى على تحمل تبعاته ونتائجه.
سلاح حزب الله لم يعد بحكم الواقع وليس نتيجة تحيزات فكرية وسياسية قادر على مواجهة إسرائيل أو حتى ردعها، وبالتالى لا يجب أن يوجه للداخل اللبنانى، كما حدث فى فترات سابقة، إنما يجب ولو تيار داخله وبين أنصاره أن يستفيد من ثراء الواقع اللبنانى وتنوعه ويبنى مشروعًا سياسيًا مدنيًا يواجه إسرائيل فى الخارج قانونيًا وسياسيًا مع تيارات عالمية كثيرة ويتصالح فى الداخل مع باقى اللبنانيين.
المصري اليوم