تكنولوجيا آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

هكذا انهارت "إمبراطورية" إيلون ماسك

هكذا انهارت

أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك انسحابه من دوره المثير للجدل داخل إدارة الرئيس دونالد ترامب، بعد 130 يوماً فقط قضاها في منصب غير رسمي عُرف إعلامياً بـ"وزير خفض النفقات"، ضمن ما يُعرف بـ"وزارة كفاءة الحكومة" (DOGE) التي أُنشئت مؤخراً.

خلال فترة قصيرة، أثار ماسك الكثير من الضجة داخل أروقة السلطة الأميركية، مستخدما أساليب غير تقليدية، بدءا من تقديم عروض بيع سيارات تسلا أمام البيت الأبيض، وصولا إلى اعتلاء المنصات ممسكا بمنشار كهربائي أهداه إياه الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي.

القرار المفاجئ بالانسحاب جاء بعد يوم واحد فقط من انتقاد ماسك لمشروع قانون ضخم للضرائب تبنّته إدارة ترامب، معتبرا أن هذا القانون "يهدر الجهود" التي بذلها في خفض الإنفاق الحكومي، واصفا الوزارة التي ترأسها بـ"كبش الفداء" لكل إخفاق إداري، وفقا لصحيفة the-sun.

وقال ماسك في تصريحات لشبكة CBS: "كنت محبطا لرؤية مشروع إنفاق ضخم يزيد من عجز الموازنة بدلاً من تقليصه. لقد قوّض كل ما عمل عليه فريق DOGE."

وأضاف في حديث لصحيفة "واشنطن بوست": "كل ما يحدث من سوء يُلقى على عاتق DOGE، حتى وإن لم تكن لنا علاقة به".

فوضى داخل البيت الأبيض

رغم أن ماسك لم يُجرِ محادثة رسمية مع الرئيس ترامب قبل إعلان رحيله، إلا أن مصادر من داخل البيت الأبيض أكدت أن "عملية خروجه قد بدأت"، وأن مغادرته ستكون سريعة وغير رسمية.

ويبدو أن انتقاده العلني لمشروع ترامب الضريبي أزعج كبار مساعدي الرئيس، خاصة وأن القانون الذي طرحه تضمن خفضا ضريبيا مع تشديد على تطبيق قوانين الهجرة، ما اعتبره ماسك يتعارض مع مساعي الوزارة لتقليص الإنفاق.

ومع ذلك، وجّه ماسك رسالة شكر إلى ترامب، كتب فيها: "مع نهاية فترة عملي المحددة كموظف حكومي خاص، أشكر الرئيس ترامب على إتاحة الفرصة لي للمساهمة في الحد من الهدر المالي."

من الدعم المطلق إلى التوتر

لطالما كان ماسك من أشد داعمي حملة ترامب الانتخابية الأخيرة، حيث ضخ مئات الملايين من الدولارات لدعم حملة "اجعل أمريكا عظيمة مجددا"، وشارك في العديد من المناسبات الرسمية مرتديًا قبعة "MAGA" وقمصان كتب عليها "الدعم التقني".

حتى ابنه الصغير "X Æ A-Xii" كان يظهر برفقته داخل البيت الأبيض، حيث قدمه ترامب قائلاً: "هذا هو X، إنه شاب رائع".

في مشهد مثير، وخلال احتفالات تنصيب ترامب في يناير، لوّح ماسك بذراعه اليمنى بطريقة اعتبرها البعض شبيهة بـ"التحية النازية"، ما أثار موجة من الانتقادات، ردّ عليها ماسك بمنشور ساخر عبر منصة X: "هجوم "الكل هتلر" أصبح مستهلكا للغاية".

مواجهة مع البيروقراطية

لم يضيّع ماسك وقتا، وبدأ مباشرة في تنفيذ سياسة تقشف صارمة داخل الأجهزة الحكومية. فقد أعلن عن خفض 260,000 وظيفة من أصل 2.3 مليون موظف مدني فيدرالي، أي ما يعادل 12% من القوة العاملة، عبر مزيج من التهديدات، والتقاعد المبكر، وعروض الاستقالة الطوعية.

كما تعهد بأن توفر DOGE ما يصل إلى 4 مليارات دولار يوميا من الإنفاق الحكومي، بهدف الوصول إلى تريليون دولار من التوفير بحلول 2026.

وعبّر ماسك عن رؤيته قائلاً: "هذه ثورة حقيقية، وربما الأكبر منذ الثورة الأمريكية الأصلية."

لكن صداماته مع وزراء بارزين مثل ماركو روبيو (الخارجية)، شون دافي (النقل)، وسكوت بيسنت (الخزانة) أضعفت مكانته تدريجيا، إذ وصف ماسك مستشار التجارة بيتر نافارو بـ"الأحمق" و"أغبى من كيس حجارة"، فيما اكتفى نافارو بالرد ساخًا: "لقد وُصفت بأسوأ من ذلك".

مستقبل DOGE بعد ماسك

يُتوقع أن تستمر بعض عناصر "وزارة كفاءة الحكومة" بعد مغادرة ماسك، رغم وجود توجه داخل بعض الدوائر الحكومية لإعادة السيطرة على الميزانيات والتوظيف.

وفي تصريحات للرئيس ترامب يوم الإثنين، قال: "سيأتي وقت يستطيع فيه الوزراء تنفيذ المهام بدقة الجرّاح، دون الحاجة لماسك".

وأضاف: "أعتقد أنه رائع، لكنه رجل أعمال كبير لديه التزامات كثيرة، وسيعود قريبا لإدارة أعماله".

وقد أعلن ماسك أنه سيقلل من إنفاقه السياسي في المرحلة المقبلة، قائلا: "أعتقد أنني فعلت ما يكفي".

علاقة معقدة مع ترامب

رغم أن العلاقة بين الرجلين بدأت بصدامات علنية في عام 2022، إلا أن المصالحة جاءت لاحقا، بعد لقاء جمعهما في منتجع مار-إيه-لاغو.

ورغم أن ماسك كان قد انتقد ترامب في السابق ودعّم حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، عاد لاحقا ليُعلن دعمه الكامل لترامب، خاصة بعد محاولة اغتياله في تجمع انتخابي منتصف عام 2024.

وقال ماسك عبر X حينها: "أدعم الرئيس ترامب وأتمنى له الشفاء العاجل".

ووصفه ترامب لاحقا بأنه "رجل وطني يحب أمريكا بشدة"، مضيفا: "إيلون، مثلي تماما، يرى أن البلاد تواجه خطرا كبيرا".

ورغم مغادرته الرسمية، لا يُستبعد أن يستمر تأثير ماسك على سياسات البيت الأبيض من خلف الكواليس، خصوصا في ظل العلاقة الشخصية المتينة التي باتت تجمعه بترامب.

يقرأون الآن