العراق

العراق.. لماذا تماطل بغداد بدفع رواتب الموظفين في كردستان؟

العراق.. لماذا تماطل بغداد بدفع رواتب الموظفين في كردستان؟

انطلقت في العراق جهود تطويق أزمة رواتب إقليم كردستان التي فجّرها قرار وزارة المالية بالحكومة الاتّحادية بوقف تمويل تلك الرواتب، الأمر الذي دفع بالعلاقة بين سلطات الإقليم وحكومة رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني نحو درجة عالية من التوتّر، فضلا عن العواقب المالية والاجتماعية القاسية لهذا الإجراء على سكان الإقليم.

وسلكت جهود حلّ الأزمة مسارين متوازيين أحدهما قضائي متمثّل في قبول المحكمة الاتحادية الاتحادية العليا في العراق دعوى يطالب فيها مقدموها باستمرار صرف الرواتب في مواعيدها المحددة تنفيذا لقرار سابق صادر عن المحكمة ذاتها، وثانيهما سياسي متمثّل في قرار الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم إيفاد وفد رفيع المستوى إلى أربيل لمناقشة القضية مع القيادة الكردية هناك.

وتأتي زيارة الوفد الذي من المقرر أن يقوده العضو البارز في الإطار التنسيقي هادي العامري زعيم منظمة بدر على خلفية استشعار الإطار ومن ضمنه السوداني رئيس الوزراء لتداعيات قضية الرواتب على العملية السياسية والاستقرار الحكومي وكذلك على الاستحقاق الانتخابي المفصلي الذي يتجه نحوه العراق والمقرّر لشهر نوفمبر القادم، وهو الأمر الذي أشار إليه بوضوح الحزب الديمقراطي الكردستاني القائد الرئيسي لسلطات الحكم الذاتي في كردستان العراق.

وعبّر عن ذلك عضو المكتب السياسي للحزب هوشيار زيباري الذي وصف قرار وزارة المالية العراقية بوقف تمويل رواتب موظفي إقليم كردستان بأنّه قرار "سياسي مبرمج" ضد الإقليم محذرا من عواقب وشيكة له.

وتساءل زيباري الذي سبق له أن شغل منصب وزير للمالية ووزير للخارجية في الحكومة العراقية عبر حسابه على منصة إكس "ما هي مصلحة السوداني ومصلحة الإطار التنسيقي الحاكم في تفجير أزمة تمويل رواتب موظفي الأقليم في هذا الوقت بالذات، والبلد مقبل على انتخابات وطنية."

وأضاف قوله "ربما هناك مسائل فنية ولكن القرار من وزارة المالية هو قرار سياسي ومبرمج ضد الإقليم الدستوري بامتياز وستكون له عواقب بلا شك."

وفي الإطار ذاته، عدّت الأحزاب والأطراف السياسية الكردستانية في اجتماع لها عقدته السبت في مصيف صلاح الدين بأربيل قرار وزارة المالية العراقية بإيقاف رواتب إقليم كردستان "سياسيا يتعارض مع إرادة شعب كردستان وكيانه الدستوري والقانوني"، محذّرة من أن "جميع الخيارات تبقى مفتوحة" لحماية المصالح العليا لإقليم كردستان، مستدركة بأنّ "الحوار هو السبيل الأفضل لهذه المرحلة".

وتحمل جهات في الإطار التنسيقي على محمل الجدّ مثل تلك التحذيرات من تداعيات التصعيد في قضية الرواتب وتتّجه نحو اتخاذ خطوات عملية لوقفه، بالتحرّك نحو أربيل وتحديدا صوب قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وقال رحيم العبودي عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة الوطني بزعامة عمار الحكيم إنّ وفدا من الإطار التنسيقي بقيادة رئيس تحالف الفتح هادي العامري سيزوز أربيل لحل الملفات العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان وبحث التفاهمات السياسية بين الطرفين.

ونقل عن العبودي قوله "هذه الأخبار مهمة جدا وتتعلق بتفاهمات سياسية بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان"، موضحا أن العامري "يزور أربيل كمبعوث عن الإطار التنسيقي لوضع التفاهمات على طاولة الحوار، وهذه التفاهمات مهمة جدا بعد أن أصبحت هناك معرقلات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم جزء منها لأسباب قديمة وتراكمات في مشكلة الثروة وتوزيعها، وكذلك مشكلة النفط والغاز."

ووصف عضو تيار الحكمة الزيارة بـ"المهمة جدا لطمأنة الإقليم بأن الحكومة الاتحادية لن تمضي بقرارات تؤدي إلى تعكير الأجواء وأن العلاقة ماضية وجيدة على يد السوداني وأن الإطار يدعم هذه الشخصية وكذلك الحكومة."

ولفت إلى أن "الزيارة هي بعنوان تصفير الأزمات في ملف الرواتب وغيرها من الملفات العالقة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، والإطار عازم على أن يضع سلة حلول لجميع المفاصل التي فيها إشكالات فنية ومالية ورقابية، والمضي بهذه السلة من الحلول من أجل استدامة العلاقة وتوحيد القرار السياسي والاقتصادي والأمني."

وبشأن موقف رئيس الوزراء قال العبودي إنّه "متفهم لما يجري من ضغوط اقتصادية تواجهها كلتا الحكومتين الاتحادية وحكومة الإقليم"، مؤكّدا أن "الحلول جاهزة لدى السوداني وهو يتفهم الوضع بشكل مطلق ولديه تفاهمات عالية مع مسعود بارزاني (زعيم الديمقراطي الكردستاني) وأيضا حكومة الإقليم."

وفي الشقّ القضائي من مسار حلحلة قضية الرواتب أعلنت المحكمة الاتحادية العليا في العراق عن تسجيل دعوى جديدة مقدمة من موظفين في إقليم كردستان، يطالبون فيها باستمرار صرف الرواتب في مواعيدها المحددة، وذلك تنفيذا لقرار سابق صادر عن المحكمة.

وقالت المحكمة في بيان إن المدعين "طلبوا إصدار أمر ولائي بإلزام وزارة المالية الاتحادية بصرف الرواتب تنفيذا للقرار المتضمن إلزام كل من رئيس مجلس الوزراء في الحكومة الاتحادية، ورئيس مجلس الوزراء في حكومة إقليم كردستان العراق بتوطين رواتب منتسبي جميع الوزارات، والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة، وجميع منتسبي الجهات الحكومية الأخرى، والمتقاعدين، ومستفيدي شبكة الحماية الاجتماعية في الإقليم لدى المصارف الحكومية الاتحادية العاملة خارج الإقليم وتخصم من حصة الإقليم المحددة بموجب قانون الموازنة".

ومن جهته أعلن علي حمه صالح مقرر حركة الموقف، عن اتخاذ خطوة قانونية جديدة بإعداد دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية للمطالبة بصرف رواتب موظفي إقليم كردستان.

وقال في بيان إن "قرارا تم اتخاذه بصرف رواتب موظفي الإقليم يوم الثلاثاء، وقد باشرنا بالتحرك القانوني اللازم حيث تم إعداد شكوى رسمية ورفعها إلى المحكمة الاتحادية"، مضيفا أن "عددا من الموظفين المخلصين ساهموا معنا في تقديم الشكوى".

وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار الدفاع عن حقوق الموظفين الذين لا ينبغي أن يكونوا ضحية لأي خلاف سياسي أو إداري، مؤكدا أن الضغط القانوني بات ضروريا لضمان صرف الرواتب في مواعيدها.

يقرأون الآن