بينما يتصاعد التوتر في الإقليم وتتشابك الملفات الأمنية والدبلوماسية، تلوّح واشنطن مجدداً بمواقف أكثر حزماً حيال النفوذ الإيراني في المنطقة، لا سيما فيما يتعلق بسلاح "حزب الله". فبحسب مصادر مطّلعة، فإن المرحلة المقبلة ستكون أكثر صرامة، محذّرة من أن "الآتي أعظم"، والدليل الأكيد على ذلك هو تعيين جويل رايبورن مكان أورتاغوس المعروف بصرامته.
الحديث هنا عن جويل رايبورن، جنرال المدفعية السابق، والدبلوماسي الأميركي المعروف بنهجه المتشدد تجاه إيران وأذرعها في المنطقة. رايبورن، الذي شغل في السابق منصب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا في عهد إدارة ترامب، يُعد من أبرز الشخصيات في واشنطن التي دفعت باتجاه تشديد العقوبات على الكيانات المرتبطة بطهران، وفي مقدمتها "حزب الله".
وتصفه مصادر دبلوماسية بأنه رجل "لا يؤمن بأنصاف المواقف"، وهو ممن يعتبرون أن الإدارة الأميركية الحالية – على يمينيتها – تُظهر قدراً من "الرحمة" في مقاربتها للملفات الأمنية، بالمقارنة مع ما كان يُفترض أن تكون عليه الأمور. رايبورن كان كذلك من أشد المعارضين لأي انفتاح غربي أو عربي على النظام السوري، وعُرف بدعمه لجهود ملاحقة شبكات تهريب "الكبتاغون" التي تنطلق من سوريا ولبنان وتمتد نحو أميركا اللاتينية.
يمتلك رايبورن خلفية عسكرية ميدانية صلبة، إذ شارك بين عامي 2006 و2011 في جولات قتالية متعدّدة في العراق وأفغانستان، وكان شاهداً على فترة "زيادة القوات" الأميركية في العراق. وقد وجّه انتقادات حادة لإدارة أوباما بعد قرارها سحب القوات من العراق نهاية عام 2011، محذّراً في دراسة نشرتها "مؤسسة هوفر" من أن هذا القرار سيؤدي إلى فراغ أمني وعودة الحرب الأهلية، وهو ما اعتبره مراقبون لاحقاً "نبوءة تحققت".
وفي البيت الأبيض، شغل رايبورن بين 2017 و2018 منصب المدير الأول لشؤون إيران والعراق وسوريا ولبنان في مجلس الأمن القومي، حيث كان أحد مهندسي الضربات الأميركية على النظام السوري عامي 2017 و2018، رداً على استخدامه السلاح الكيميائي. كما شارك في بلورة استراتيجية إدارة ترامب تجاه إيران، والتي اتسمت بفرض أقصى الضغوط.
اليوم، ومع عودته إلى المشهد السياسي كأحد أبرز الأصوات في ملف "حزب الله"، تحذّر المصادر من أن الحزب "يقع مجدداً في فخ التقديرات الخاطئة"، مشيرة إلى أن لا وقت مستقطع أمامه لمناورات سياسية أو رهانات على التبريد. وتختم بالقول: "المرحلة المقبلة عنوانها عاصفة حزم أميركية متجددة... ورايبورن أحد أركانها".