انتقدت منظمة "ملفات قيصر من أجل العدالة" ما وصفته بمحاولات إعادة تأهيل متورطين في جرائم حرب ومنحهم أدواراً اجتماعية من قبل الإدارة السورية الجديدة.
جاء ذلك في بيان صادر عن المنظمة، الأربعاء، تعليقاً على ما جرى تداوله بشأن المؤتمر الإعلامي الذي عقد في دمشق أمس الثلاثاء، بمشاركة عضو لجنة السلم الأهلي حسن صوفان، والمتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا.
وأكدت المنظمة أن العدالة الشاملة تشكل أساس الاستقرار، ولا يمكن تحقيق سلم حقيقي دون محاسبة مرتكبي الانتهاكات بحق الشعب السوري خلال حكم بشار الأسد.
ووصفت المنظمة التصريحات التي تربط الاستقرار والسلم الأهلي بتأجيل العدالة بـ"المغالطة المفاهيمية الخطيرة"، مشيرة إلى أن تغليب الاستقرار على المحاسبة يعيد إنتاج العنف ويهدد فرص السلام الدائم.
وأضافت "خلافا لما ورد على لسان السيد حسن صوفان، تؤكد منظمة ملفات قيصر من أجل العدالة أن المجتمعات المستقرة هي تلك التي تُبنى على العدالة الشاملة، التي تضمن الحقوق لجميع أفراد المجتمع، ومن جميع مكوناته. فالعدالة ليست نتيجة تأتي بعد الاستقرار، بل هي شرط مسبق وأساس لا غنى عنه لتحقيقه"، وتابعت "إن الطرح القائل بأن (الاستقرار يسبق العدالة) يُعدّ مغالطة مفاهيمية خطيرة، تنمّ عن فهم مشوه لطبيعة العدالة ودورها الجوهري كقيمة تأسيسية في بناء المجتمعات الحرة، فالتغاضي عن العدالة في سبيل الاستقرار لا يؤدي إلا إلى إعادة إنتاج العنف، ويقوض أي إمكانية لتحقيق سلام دائم".
وشدد البيان على أن لا أحد يملك حق تبرئة مرتكبي جرائم الحرب أو تبييض سجلهم عبر تقديمهم كرموز للسلم الأهلي، واعتبرت محاولات تقديمهم كواجهات اجتماعية انتهاكاً صارخاً لحقوق الضحايا وإهانة لمبدأ العدالة.
وأوضح أن المؤتمر الأخير فشل في تهدئة الرأي العام، بل عمق فجوة الثقة مع المتضررين، وعكس غياب الحوار الفعال مع ضحايا الانتهاكات.
وتابع البيان في إشارة إلى "فادي صقر"، حيث تحدث صوفان عن دور له في "التحرير" قبل أن ينشط في مجال السلم الأهلي، "تشدد المنظمة على أنه لا يملك أي فرد أو جهة، كائنًا من كان، الحق في منح صكوك براءة لمرتكبي جرائم الحرب أو تمكينهم من تبييض سجلهم عبر تقديمهم كـواجهات اجتماعية أو رموز للسلم الأهلي. إن محاولات إعادة تأهيل صورة هؤلاء الأفراد ومنحهم أوصاف البطولة أو صبغة العمل السلمي، بينما لا تزال دماء الضحايا شاهدة على جرائمهم، تُعدّ انتهاكاً صارخاً لحقوق الضحايا، وإهانة لمبدأ العدالة ذاته. لا يمكن القبول منطقياً أو أخلاقياً أن يسند دورٌ في إعادة بناء المجتمع لمن كان شريكًا في تدميره، ولا يمكن تصور أن يقدم من تلطخت يداه بدماء الأبرياء كرمز للسلامٍ في مجتمع منكوب ما زال يعاني من أثار الانتهاكات التي ارتكبت".
"منح الأمان للمجرمين انتهاك خطير"
أعربت المنظمة عن قلقها من المسار الذي تتبعه "السلطة الانتقالية" في دمشق، معتبرة أن منح الحصانة أو الأمان لمجرمي الحرب يمثل انتهاكاً خطيراً يكرّس ثقافة الإفلات من العقاب ويفتح الباب أمام الفوضى والانتقام.
وأكدت "منظمة ملفات قيصر من أجل العدالة" على أهمية دور منظمات المجتمع المدني في مراقبة تصرفات "السلطة الانتقالية"، خصوصاً في ملفات ضحايا التعذيب والمفقودين والمختفين قسرياً على يد النظام المخلوع وجميع الأطراف المتورطة بالانتهاكات.
ودعت المنظمة إلى الإسراع في إعداد بيئة قانونية وتشريعية شاملة تضمن محاسبة جميع مرتكبي الجرائم والانتهاكات بحق السوريين وفق خطة وطنية واضحة ومرتكزة إلى مبادئ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب.
اختتمت المنظمة بيانها بالتأكيد على موقفها المبدئي بأن "لا عدالة دون محاسبة، ولا سلم مستدام دون إنصاف الضحايا، ولا صكوك غفران للقتلة".