الهدوء النسبي في الملف القضائي لم يتزامن مع أي خرق يُذكر على صعيد معالجة الأزمة السياسية والتعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية كي يبادر الى معالجة الأزمة الإقتصادية المتفاقمة، والتي باتت تنذر بثورة شعبية. أمّا على صعيد الأزمة القضائية فما زالت تراوح مكانها وسط التلويح من قبل أهالي الضحايا بالعودة الى الشارع مع ما يؤدي ذلك الى توتر وتصعيد.
وفي سياق المواقف العاملة على خط وضع الحلول لتلك الأزمات، لفتَ النائب غسان سكاف في حديثٍ لجريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أنّه ما زال مستمراً في مساعيه الهادفة لإنتخاب رئيس للجمهورية وأنه بدأ يتلمس بعض الأجواء الإيجابية بالنسبة لهذا الملف، متوقعاً ان تكون الأمور أسهل في الأسبوع المُقبل، واصفاً الوضع في البلاد بالدقيق والصعب وبالأخص بعد الذي حصل في القضاء، ما أدّى إلى تشابك الأمور وتداخلها بعضها ببعض.
ورأى سكاف أنه بعد أن قضي على المصرف والمدرسة والمستشفى والاقتصاد يبدو أنه أوكلت مهمّة القضاء على القضاء، وما نخشاه أن نكون في طور استرجاع مجاعة 1914 ومخاطر 1975، كاشفاً عن قيامه بالدور المساعد والمسالم في الملف الرئاسي لتقريب وجهات النظر للتوصل الى سلّة مرشحين والذهاب الى المجلس لانتخاب واحداً منهم رئيساً للجمهورية، رغم أنَّ البعض ما زالوا متمسكين بأسماء أخرى لكن هذه المساعي لم تنضج بعد، لأن الذي راهن على الخارج تبين لهُ أنَّ الأخير قد أطفأ كلّ محركاته ولا يريد أن يتدخل في الملف الرئاسي، مقللاً من أهمية اجتماع باريس لأنه أصبح بلا معنى، على حدّ قوله، فالأمور التي سيبحثها تتعلّق بقضايا إنسانية وعلى مستوى نائب مساعد وزير الخارجية الفرنسي، وقد نقل عن المشاركين أنهم لن يتطرقوا الى مواصفات الرئيس ومن هنا لا يمكننا الاعتماد على الخارج.
من جهته، أشارَ عضو كتلة الاعتدال الوطني النائب احمد الخير إلى أن كتلته تدرك أن هناك إشكالاً داخل الجسم القضائي ولا تصحّ معالجته إلاّ من خلال مجلس القضاء الأعلى.
الخير وفي حديثٍ لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أكّد أننا ككتلة الاعتدال ننأى بأنفسنا عن التدّخل في القضاء من باب الحرص على القضاء نفسه، لأن ما حصل يجب أن يبقى ضمن إطاره القضائي، متوقعاً أن يشهد الأسبوع المُقبل اجتماعاً لمجلس القضاء الاعلى لإتخاذ قراراً يصب في مصلحة البلد ومصلحة الجسم القضائي وحفظ حقوق اهالي ضحايا المرفأ.
وأضاف الخير "إذا أردنا الدخول في الإطار القانوني نجد بأن كلّ فريق يريد أن يأخذ الأمور لصالحه، فهناك إجماعٌ بأنَّ ما قام به القاضي طارق البيطار كان مفاجئاً من دون الإستناد الى مرجع قضائي، وهي لدى الضالعين في علم القانون خطوة تسجل عليه، وكذلك الأمر بالنسبة لمدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات هناك هفوة حصلت رغم أنّه عللَ قراره هذا درءاً للفوضى"، مؤكداً أننا كسياسيين ليس من حقنا أن نحدّد من منهم المُحقّ لأن دورنا هو الخروج من الإشتباك السياسي وترك موضوع القضاء لأهل الحل والربط.
أمّا في الشق الرئاسي فرأى الخير أنَّ الأمور ما زالت كما كانت، متحدثاً عن حركة أكثر جدّية قد تجبر كل الذين يتحسسون بخطورة الوضع أن يدركوا أن هناك خطوة متقدّمة يؤمل أن تجد قبولاً عند كل الأطراف لأن هذا الطريق الأسلم لإيجاد الحل الذي يخدم مصلحة البلد، فالرئيس الذي سينتخب لمهمة استثنائية بحاجة لإجماع كلّ القوى السياسية لتواكبه من أجل تقطيع هذه المرحلة الصعبة، فالبلد محكومٌ بالتوافق ومن الصعب الذهاب الى اللعبة الديمقراطية والتصويت لعدّة مرشحين ومن ينل 65 صوتاً يعتبر هو الفائز بالرئاسة.
وعلى وقع الإنتظار يشتدّ غضب الشارع في العديد من المناطق، احتجاجاً على الفوضى الإقتصادية، القضائية والتعليمية، ممّا قد يُنذر بزعزعة الإستقرار الأمني مع تفاقم حدّة الأزمة وصعوبة التوّصل إلى حلول مُلائمة لتفادي الأسوأ.