إيران.. ماذا لو؟!

يعتقد نتنياهو أن الطريق أمامه أصبح ممهدا لتحقيق ما ظل يحلم ويخطط له منذ ٣٠ عاما، وهو القضاء على «التهديد» الإيرانى. تجمعت عوامل عديدة جعلته يقتنع بأن الثمرة نضجت وحان قطافها. لو اتخذ القرار قبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، لانفتحت على إسرائيل أبواب الجحيم من جنوب لبنان والعراق واليمن وغزة إضافة إلى الرد الإيرانى. الآن، تقف طهران وحيدة تقريبا. أذرعها العسكرية، التى كانت خطها الأمامى، تلقت ضربات شديدة جعلتها عاجزة عن المشاركة. واشنطن، التى أحجمت طويلا عن السماح لإسرائيل بتوجيه ضربة لإيران، لم تمانع. رد الفعل العالمى لم يتجاوز بيانات طلب الهدوء ووقف التصعيد.

فى ظل هذا المناخى «المواتى»، ماذا يريد نتنياهو؟ قائمة أهدافه تصاعدت منذ بدء الضربات فجر الجمعة الماضى. فى البداية، كان مبرر العدوان شل قدرة طهران على إنتاج القنبلة النووية، ثم أسكره «النجاح السريع» بما هو أخطر. دعا الإيرانيين إلى الانتفاضة على حكامهم. وزير دفاعه هدد بحرق طهران ردا على الهجمات الإيرانية على تل أبيب ومدن أخرى. امتد العدوان الإسرائيلى من ضرب المنشآت النووية واستهداف القادة العسكريين الكبار والعلماء النوويين إلى ضرب البنية التحتية، خاصة منشآت الطاقة. هى حرب شاملة تستهدف بنية النظام الإيرانى نفسه، وليس مستبعدا أن تشمل الاغتيالات فى مرحلة تالية زعماء سياسيين.

لكن ماذا لو فشلت إسرائيل فى «إعطاب» البرنامج النووى؟. نسب الإشعاع، التى كان من المفترض أن تتصاعد بعد الهجمات، فى مستوياتها العادية، بما يعنى أن هناك احتمالا ألا يكون الجسم الرئيسى للمفاعلات النووية قد تضرر كثيرا، بالنظر إلى أنه فى أعماق الأرض ويحتاج قنابل شديدة الضخامة ليست متوافرة حاليا. فى هذه الحالة، ماذا لو انسحبت إيران من معاهدة منع الانتشار النووى وسرّعت خطوات إنتاج القنبلة، خاصة أن وكالة الطاقة الذرية حذرت قبل العدوان مباشرة من أنها لا تعرف شيئا عما يحدث؟ هل نشهد نتائج عكسية لما هدف إليه نتنياهو، وترامب أيضا؟.

ثم إن زعزعة استقرار النظام وتمهيد الطريق أمام ثورة شعبية تطيح به مقامرة كبرى. الأشخاص الأكثر نفوذا حاليا فى إيران هم الذين يسيطرون على المفاصل الرئيسية كالقوات المسلحة والحرس الثورى والاقتصاد، وهؤلاء لا يحتاجون للانقلاب لأنهم السلطة بالفعل. قوى المعارضة ضعيفة ولا تحظى بشعبية. ولى العهد السابق رضا بهلوى متواجد بالخارج، ولا تأثير يُذكر له فى الداخل. منظمة مجاهدى خلق تاريخها ليس ورديا فيما يتعلق بحقوق الإنسان ووجودها بالداخل شبه منعدم. انهيار النظام لن ينعكس تأثيره الهائل على داخل البلاد فقط. سيكون الأمر أشبه بزلزال سياسى قد لا تتحمله المنطقة والعالم. نتحدث عن أمة رئيسية قوامها ٩٠ مليون نسمة. الهدف الأكثر واقعية الذى يمكن أن تحققه الضربات الإسرائيلية إضعاف النظام وإظهاره عاجزا أمام شعبه وغير قادر على تلبية احتياجاته، وفى هذه الحالة، فإن قيادة النظام قد تتخذ خطوات غير متوقعة لنقل الفوضى للمنطقة عبر إغلاق مضيق هرمز وشل حركة الملاحة، وبالتالى تعريض إمدادات البترول للخطر.

نعم إسرائيل أخذت زمام المبادرة، لكن النتائج ربما تخالف ما رغبت فيه.

المصري اليوم

يقرأون الآن