قبل يومين زارت السفيرة الفرنسية آن غريو وزير الخارجية عبد الله بو حبيب ووضعته في أجواء لقاء باريس الخماسي المرتقب عقده الأسبوع الطالع. أخبرت أنّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووفق ما أبلغها عقب لقاء لساعتين، قال «إن المطلوب بقاء لبنان على خارطة الإهتمام الفرنسي وهذا يدخل ضمن استراتيجية فرنسا السياسية في الشرق الأوسط». وللغاية نفسها قصدت السفيرة الأميركية دوروثي شيا الخارجية. تبلغ لبنان عن الإجتماع من غير أن يكون مشاركاً فيه أو يتمّ الأخذ برأيه أو وجهة نظره. ربما يعود السبب للفراغ الرئاسي ولكون الحكومة هي حكومة تصريف أعمال، أو لأنّ الدول المعنية لم تجد ضرورة في حضوره بشأن متعلّق به!
منذ شروع الحديث عنه، أعطيت للإجتماع أبعاد كثيرة وصلت إلى حدّ اعتباره تقريرياً في مصير انتخابات الرئاسة في لبنان، وأنّ البيان الصادر عنه سيكون ملزماً تحت سقف المزيد من الضغط الخارجي وربّما العقوبات. وهذه كانت أمنية الفرنسيين. وعلى هذا الأساس إنطلقت الفكرة لكن البحث مع الدول أخرج المسعى الفرنسي من مضمونه. نصحت أميركا بعدم الذهاب بعيداً في اجتراح الحلول، وفضّلت السعودية تغليب الطابع الإقتصادي وربطت مشاركة قطر بهذا الشقّ، أمّا مصر فقد طُلبت مشاركتها حديثاً.
سيناريوات متعدّدة وضعت للإجتماع قبل أن يرسو على صيغة متّفق عليها. في الوقائع إنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان يرغب في إعداد صيغة تقريرية للإجتماع بحيث ينتهي إلى رفع توصيات واقتراحات حلول لرئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وقد تحمل تسميات لمرشحين مقترحين، الأمر الذي أزعج السعودية التي هدّدت بسحب المشاركة ما استوجب زيارة شخصية من الخارجية الفرنسية إلى السعودية التي رفضت الدخول في التسميات ما أدّى إلى العدول عن الإقتراح.
ورغم ذلك إختلفت التقديرات حيال الإجتماع. فمنهم من قال إن قرارات مهمة ستخرج عن المجتمعين، ومنهم من راهن على أن لا نتائج بالحجم المتوقع. وانطلاقاً من هذه الوقائع تختصر مصادر ديبلوماسية الإجتماع الخماسي بـ»صورة، بلا أبعاد ولا نتائج مرتقبة». تنصح بعدم بناء الكثير من الآمال عليه وتعتبر أنّ إيجابيته الوحيدة تكمن في حرص فرنسا على إبقاء لبنان على خارطة الإهتمام الدولي وتنظيم اجتماع للدول التي يمكن أن تساعده على الخروج من أزمته.
منذ بدأت التحضيرات بشأنه إختلفت آراء الدول المشاركة وقد اقترح بعضها أن يكون إجتماعاً مصغّراً يعقد عبر تقنية «الزوم»، بينما إرتأى الفرنسيون النقاش مباشرة وأضافوا مصر على الدول الأربع المشاركة، أي فرنسا السعودية وأميركا وقطر. وبعد طول نقاش كان القرار بعقد اجتماع تشاوري، يقتصر التمثيل فيه على مستوى مستشارين من وزارات خارجية كل دولة. أما جدول الأعمال فكان أيضاً موضع أخذ وردّ، أرادته السعودية محصوراً بدعم صندوق لبنان بينما ركّزت فرنسا على الشق السياسي وترغب في بيان ينادي بالإصلاحات ويشدّد على الإنتخابات الرئاسية في سياق سياسي شبيه بذلك الذي سبق وتطرّقت اليه فرنسا أثناء زيارة رئيسها إيمانويل ماكرون إلى لبنان.
لا تتوقّع المصادر عينها أن يخرج عن المجتمعين دعم مرشح رئاسي بعينه، أو التطرق الى أسماء مرشحين، وجود مصر يوازي الوجود القطري لكن القرار سعودي في نهاية المطاف وعين السعودية على اليمن، تكمل المصادر قولها، رافضة التعاطي مع هذا الإجتماع وكأنه سيحدّد مصير لبنان وتحصره بأبعاد إقتصادية.
مصادر سياسية أخرى تساءلت عن جدوى مشاركة مصر في الإجتماع رغم غياب دورها المباشر عن لبنان اللهم إلا إذا كان المطلوب أن تكون لاعباً جديداً على الساحة المحلية ودخولها كمؤشر على موقف عربي مصري قطري سعودي بدعم فرنسي أميركي، وتتابع «فرض مرشح رئاسي لو حصل سيتسبب في مشكلة كبيرة»، مبدية خشيتها من أن يكون الهدف إحراج المسؤولين بتسمية قائد الجيش العماد جوزف عون ما يتسبب في أزمة». ويتطابق كل ذلك مع موقف مصادر في الخارجية الأميركية رفضت في حديث الى لـMTV «التدخل بمواصفات الرئيس» وقالت «المسؤولون اللبنانيون يتحمّلون المسؤولية كاملة وإذا أرادت إيران التدخل فهذا شأنها وعليها تحمّل تداعيات أفعالها في لبنان».
ما الذي ينتظر لبنان؟ لا شيء محدّد وسيكون الإجتماع أقل من عادي. أو هو فصل جديد من المواجهة مع الغرب سيشرّع إجتماع باريس أبوابه مطلع الأسبوع؟