عقب حملات عسكرية ناجحة شنتها ضد كل من بولندا وفرنسا والاتحاد السوفيتي، عرفت ألمانيا منذ العام 1943 انتكاسات عديدة. فبمعركة ستالينغراد، أجبر الجيش السادس الألماني على الاستسلام مطلع فبراير (شباط) 1943 عقب محاصرته من قبل الجيش الأحمر السوفيتي.
وبالأشهر التالية، تلقى الألمان مزيدا من الهزائم على الجبهة السوفيتية وأجبروا على التراجع تحت وطأة هجمات الجيش الأحمر.
إلى ذلك، أدت هذه الهزائم لتراجع معنويات الجيش والشعب الألماني الذي شكك أحيانا في مدى قدرته على الفوز بهذه الحرب. وأملا في رفع معنويات الألمان، لم يتردد النازيون في توجيه نسبة هامة من مجهودات الحرب لتطوير ما لقّب بالأسلحة الخارقة.
عملية موست 3
وفي الأثناء، مثل في 2 (V 2) أحد أعمدة برنامج الأسلحة الخارقة حيث مثل الأخير ما لقب بأول صاروخ باليستي يستخدم بأغراض حربية بالتاريخ.
وفي خضم الحرب العالمية الثانية، أطلق الألمان عددا كبيرا من هذه الصواريخ تجاه بريطانيا وتسبب بأضرار جسيمة. وحسب التقديرات، أدى استخدام الصاروخ في 2 لمقتل أكثر من 8900 مدني بريطاني، وإصابة ما يزيد عن 12 ألفا آخرين طيلة فترة الحرب.
إلى ذلك، اتجهت بريطانيا بأكثر من مناسبة للحصول على تكنولوجيا صاروخ في 2.
وخلال شهر يوليو (تموز) 1944، وضع البريطانيون خطة، عرفت بخطة موست 3 (Most III)، لنقل مكونات أحد صواريخ في 2 من بولندا نحو الأراضي البريطانية.
وبهذه الخطة، لجأ البريطانيون للاعتماد على المقاومين البولنديين الذين كانوا قد استولوا على عدد من قطع هذا الصاروخ الألماني أثناء فترة تجربته بالأراضي البولندية.
الحصول على صاروخ في 2
خلال ليلة يوم 25 تموز (يوليو) 1944، أقلعت طائرة بريطانية من نوع داكوتا (Dakota) من منطقة برانديسي (Brindisi) بالجنوب الإيطالي صوب مهبط طائرات مهجور بالقرب من قرية فال رودا (Wał-Ruda) البولندية.
وبهذه الرحلة نحو بولندا، حملت الطائرة البريطانية وقودا يكفيها لنحو 18 ساعة.
إلى ذلك، اعتمد الألمان منذ العام 1943 على موقع بليزنا (Blizna) ببولندا لإجراء اختباراتهم على صواريخ في 2.
وبتلك الفترة، سقطت العديد من هذه الصواريخ، أثناء التجارب، بالغابات والوديان القريبة.
وبالتزامن مع ذلك، لم يتردد المقاتلون البولنديون في الاستيلاء على قطع هذه الصواريخ حال سقوطها. ويوم 20 أيار (مايو) 1944، تمكن المقاومون البولنديون من الاستيلاء على صاروخ في 2 كامل على إثر سقوطه بأحد المستنقعات القريبة من موقع التجارب.
مستغلة عامل الظلام، حلت الطائرة البريطانية في حدود منتصف الليل بموقع الهبوط.
وهنالك، تعرف عليها المقاتلون البولنديون الذين لم يترددوا في تسليم طاقمها العديد من قطع صاروخ في 2 الألماني.
وبادئ الأمر، لم تتمكن الطائرة البريطانية داكوتا من الإقلاع للعودة أدراجها بسبب الوحل الكثيف بالمكان.
وبمساعدة البولنديين، تمكنت هذه الطائرة من العودة نحو الجنوب الإيطالي ناقلة معها قطع أحد أهم الأسلحة الألمانية المتطورة بتلك الفترة.
لاحقا، تم نقل قطع الصاروخ الألماني نحو المختبرات البريطانية. وهنالك، أجرى الخبراء البريطانيون أبحاثا عليه واتجهوا لابتكار طريقة للتشويش على الصاروخ الألماني اعتمادا على موجات الراديو.