الحرب.. استراتيجية النظام الإيراني للبقاء

في مقال تحليلي نشره موقع “أوبينيوني” الإيطالي، يرى الكاتب إسماعيل محدث أن الحرب بالنسبة للنظام الثيوقراطي في طهران هي أداة “أساسية” و”وسيلة للبقاء”، ليس ضد الأعداء الخارجيين، بل ضد شعبه. ويجادل الكاتب بأن النظام، الذي يعيش في ظلامية القرون الوسطى، يستخدم الحرب لتبرير وتكثيف القمع الداخلي، في مواجهة شعب يتوق إلى الحرية وينتمي إلى القرن الحادي والعشرين.

ويشير الكاتب إلى أن هذه الحرب كانت متوقعة للأسف، وأنها لم تكن سوى مسألة وقت. ويرفض السردية التي يروج لها النظام وحلفاؤه بأن سقوط النظام سيؤدي إلى فوضى شبيهة بسوريا أو العراق، مؤكداً أن “عامل عدم الاستقرار الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط كان دائماً – ولا يزال – نظام الملالي”. ويضيف أن النظام يسعى لتحقيق مصالح لا علاقة لها بمصالح الغالبية العظمى من السكان، ويستخدم الحرب لتبرير قمعه، تماماً كما فعل خلال الحرب مع العراق.

ويوضح محدث أن النظام الإيراني، “الماكر والرجعي”، تمكن من التسلل إلى الأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام الغربية بنفس القدر الذي اخترقت به إسرائيل أنظمة استخبارات طهران. وقد وجد النظام في “الحرب الدائمة” مبرراً لوجوده، خاصة وأن “لا يوجد نظام مكروه ومحتقر من قبل شعبه مثله”، حيث ترفضه أغلبية ساحقة من السكان. ولهذا السبب، كان على النظام أن “يوسع الحرب، أولاً في المنطقة”، عبر إنشاء وكلائه هنا وهناك، واستخدام شعارات “الموت لأمريكا” و”الموت لإسرائيل” كسبب لوجوده. وقد دفع الشعب الإيراني، الذي يعيش في واحدة من أغنى دول العالم، ثمن هذه الحرب العبثية، حيث يعاني اليوم من انهيار اجتماعي واقتصادي.

ويذكر الكاتب بأن النظام بدأ سياسته الخارجية باحتلال السفارة الأمريكية، ثم استفز حرباً ضد العراق الذي كان قد منحه المأوى لسنوات. واليوم، يدفع الشعب الإيراني ثمن هذه السياسة الخارجية الكارثية، حيث أصبح “بين مطرقة النظام اللاإنساني وسندان سياسة الاسترضاء الحقيرة التي تتبناها حكومات الدول الديمقراطية”.

ويرفض الكاتب بشدة فكرة أن يقوم الإسرائيليون أو غيرهم بتحرير إيران، واصفاً إياها بـ”السخافات”. ويتساءل: “من الذي تسبب في هذه الحرب المأساوية، إن لم يكن النظام الثيوقراطي المولع بالحرب والذي يقمع شعبه؟”. ويذكر بتاريخ النظام الحافل بالإرهاب الدولي، من تفجير مركز “آميا” في الأرجنتين إلى رعايته لهجوم السابع من أكتوبر. كما يؤكد أن “الشعب الإيراني لا علاقة له بالمشروع المجنون للنظام لإنتاج السلاح النووي”، وهو المشروع الذي أحرق فيه النظام أكثر من “ألفي مليار دولار”.

ويخلص الكاتب إلى أن واجب وشرف “تغيير النظام في إيران يقع على عاتق الإيرانيين وحدهم”. ويشير إلى وجود “مقاومة منظمة” لهذا الغرض، وهي “وحدات الانتفاضة” التي تحاول منذ سنوات تنظيم الثورة للإطاحة بهذا النظام الدموي. ويرفض بشدة التحليلات التي تدعي عدم وجود بديل وأن سقوط النظام يعني الفوضى، واصفاً إياها بـ”الأوهام المدرسية”. ويؤكد أن المجتمع المدني الإيراني، الذي يناضل منذ أكثر من قرن من أجل تقرير المصير والديمقراطية، قادر على تولي زمام مصيره، وأنه “أكثر تقدماً بألف عام” مما كان عليه في الماضي. إن الشعب الإيراني “لا يريد الحرب ولا التساهل مع النظام”، بل “يريد الحرية والديمقراطية”، و”إسقاط النظام الثيوقراطي لتأكيد السيادة الشعبية، وبناء دولة علمانية تقوم على حقوق المواطنة، والعيش بسلام مع الشعوب الأخرى”.

يقرأون الآن