أعلن المجلس الإسلامي السوري حلّ نفسه وجميع المؤسسات التابعة له، بما في ذلك مجلس الإفتاء ومجلس القراء، وذلك بعد تحقيق عدد من الأهداف التي أسس من أجلها، واستجابةً لطلب الدولة السورية الجديدة بعد إسقاط نظام الأسد.
وأوضح المجلس في بيان أنه "يستذكر، بعد مرور أشهر على التحرير، تضحيات الشهداء والمصابين والمشردين والمبعدين الذين عانوا في سبيل الحرية"، داعياً بالرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والعون للمعاقين، آملاً في عودة المهجّرين إلى ديارهم للمساهمة في مرحلة البناء المقبلة".
وأشار المجلس إلى "أن الثورة، وما رافقها من مواجهة للظلم والطغيان، فرضت إنشاء مؤسسات ثورية عديدة لحفظ المسار وتحقيق الأهداف، وكان المجلس الإسلامي من أبرز هذه المؤسسات، حيث أدّى دوراً شرعياً ودعوياً محورياً، وشارك في توحيد الصفوف وإصدار وثائق وطنية مهمة، كما واكب مختلف المنعطفات السياسية ببيانات أثّرت في الوعي العام".
وأكد المجلس أن "مرحلة ما بعد التحرير تقتضي إعادة بناء المؤسسات الرسمية، بما فيها المؤسسة الدينية، على أسس جديدة تتماشى مع الواقع المتغيّر، ولذلك تقرّر حلّ المؤسسات الثورية لتندمج في الهيكلية الوطنية المقبلة".
وأوصى المجلس في بيانه جميع أعضائه بتقديم مساهمات إيجابية فاعلة في المرحلة المقبلة، مستفيدين من خبراتهم في مجالات التربية والدعوة، كما توجه بالشكر إلى أعضائه وداعميه، معرباً عن تقديره للتجربة التي خاضها، ومشدداً على أهمية الاستفادة منها في تأسيس مجاميع علمية وطنية.
تأسيس المجلس الإسلامي السوري
تأسس المجلس الإسلامي السوري في 14 نيسان/أبريل 2014، خلال لقاء تشاوري ضمّ نحو 40 هيئة وشخصية إسلامية سورية، وانتُخب فيه 21 عضواً لمجلس الأمناء، برئاسة الشيخ أسامة الرفاعي ونائبه الشيخ معاذ الخن.
وشدّد البيان التأسيسي على التزام المجلس بالمنهج الوسطي، وخلوّه من أي تمثيل عسكري أو جهادي، تنفيذاً لرؤيته في أن يكون "مرجعية شرعية لتوجيه وإرشاد المجتمع السوري، وإيجاد الحلول الشرعية في القضايا الكبرى".
وحدد المجلس في بياناته عدة أهداف رئيسية، من أبرزها توحيد الجهود الشرعية والدينية، ودعم الثورة السورية، والحفاظ على وحدة الدولة والهوية الإسلامية لأهل السنة، مع ضمان حقوق جميع السوريين دون تمييز.
ولتحقيق تلك الأهداف، أصدر خلال سنوات نشاطه أكثر من 170 بياناً وفتوى شرعية، ونظّم زيارات ومبادرات شملت الإرشاد، وحل النزاعات بين الفصائل داخل سوريا، والتنسيق مع مؤسسات دينية في تركيا، وخاصة رئاسة الشؤون الدينية، لتنظيم العمل الدعوي للمجتمع السوري في المهجر.
وفي 28 آذار/مارس الماضي، أصدر الرئيس السوري، أحمد الشرع، مرسومين، نصّ الأول على تعيين الشيخ أسامة الرفاعي مفتياً عاماً للجمهورية، والثاني على تشكيل مجلس الإفتاء الأعلى، بوصفه الجهة الرسمية الجماعية المسؤولة عن إصدار الفتاوى في المستجدات والنوازل والقضايا العامة في سوريا.
وضمّ المجلس 15 عالماً من أبرز العلماء والدعاة من مدارس فكرية وعقائدية متنوعة، منهم: محمد راتب النابلسي، محمد أبو الخير شكري، نعيم عرقسوسي، عبد الفتاح البزم، خير الله طالب، أنس عيروط، عبد الرحيم عطون، أنس الموسى، إبراهيم شاشو، إبراهيم الحسون، علاء الدين القصير، محمد وهبي سليمان، سهل جنيد، ومظهر الويس.
وتمّ تأسيس المجلس بهدف توحيد المرجعية الدينية الوطنية، وتعزيز منهج الاعتدال والوسطية، والإشراف على دور الإفتاء في المحافظات، وتعيين المفتين ولجان الإفتاء، وفق آلية تُتّخذ فيها القرارات بالأغلبية، مع منح الرئيس حق الترجيح في حال تساوي الأصوات.
ويُعدّ هذا القرار استرجاعاً لمنصب المفتي العام، الذي ألغاه النظام المخلوع في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.