يحدثونك عن الشرعية !!

خلال الأيام الماضية سمعنا كثيرا من الجدل، وقرأنا العديد من التعليقات والكتابات التي يطالبنا أصحابها بأن نتوخى الدقة ونحن نتحدث عن برلمان منتخب ، ويذهب البعض منهم شوطا أبعد حين يقول كيف تريدون إجهاض عملية سياسية جاءت عبر صناديق الاقتراع، فأنتم بذلك إنما تسقطون الديمقراطية؟! للأسف يفهم البعض الديمقراطية على أنها فعل مجرد بلا قيم ومبادئ.. ويتصور آخرون أن الديمقراطية يمكن أن تسمح لمن جاء عبر صناديق الاقتراع، بأن يمارس الاستبداد والتسلط، يقرر فلا يراجعه احد، ولا ترد له كلمة.. يقولون إن اعضاء البرلمان حصلوا على اصوات الناس ، وهي التي تمنحهم تفويضاً للاشراف على مؤسسات الدولة .

ولكنهم لا يسألون سؤالاً مهماً: كيف تصل إلى الحكم بطرق ديمقراطية، ثم تصر على فرض أساليب استبدادية وانتهازية ولصوصية ؟ كيف تؤدي اليمين على الحفاظ على استقلالية مؤسسات الدولة، ثم تبدأ بابتلاعها الواحدة بعد الأخرى، كيف تصعد إلى كرسي المسؤولية بالديمقراطية، ثم تعمل جاهدا على تدمير كل أسس الدولة المدنية.. أليست هذه خيانة للصندوق وللناس التي ذهبت لانتخابك؟ هذا ما لا يريد ان يفهمه البعض حين يصر على الحصول على كل شيء باسم الديمقراطية.

عندما يسعى المسؤول او البرلماني الى تدمير مؤسسات الدولة ، بدلا من تقويتها ومنحها استقلالية كاملة، فهو حتما يهين صناديق الاقتراع، ويسخر من الأصوات التي انتخبته، ويسرق أحلام الناس وتطلعاتهم ببلد آمن ومستقر، من اجل فرض نظام حكم لا يؤمن بالشراكة في الأرض والتاريخ.

ماذا فعل المنتخَبون من امثال توابنا الاعزاء غير الظهور على الفضائيات واثارة خطاب الكراهية وفرض السيطرة والوصاية، وهو ما تفعله كل أنظمة الاستبداد.. لكن أضيف لها في ظل الديمقراطية العراقية الحديثة، نظرية التكليف الشرعي ودولة الإيمان والهداية والسراط المستقيم.

وأرجو أن يتذكر أصحاب صناديق الاقتراع، أن معظم نوابنا ومعهم الكثير من السياسيين هم الذين وضعوا دولة بحجم العراق بهذا المأزق، وهم الذين يصرون الآن على اشاعة الفشل .

الاستقرار والرفاهية لا تأتي أبداً بالشعارات،فهذه أدوات استخدمت لصناعة الدكتاتوريات والخراب..من سوء الحظ انه بعد سنوات ما يزال الكثير من سياسيينا يمارسون الخديعة والكذب، ومن سوء الحظ أيضا أن مسؤولين كباراً يتغنون بالديمقراطية كل صباح لكنهم لا يمانعون من الانقضاض عليها حين تتعارض مع مصالحهم الخاصة.

يا سادة إننا نعيش في ظل ديمقراطية " ما ننطيها " هي نفس الديمقراطية التي ترفع شعار: أنا أو الفوضى.

في ديمقراطية العراق فإن الذين يتضامنون معك هم وحدهم الصالحون، أما الآخرون فهم فقاعات وعملاء ينفذون أجندات خارجية.

في كل كتب المفكرين، الديمقراطية تعني إقامة حكم العدالة الاجتماعية.. ودعم مؤسسات الدولة لا تحويلها إلى دكاكين للإيجار، وإشاعة المساواة لا الفرقة والطائفية.

المدى

يقرأون الآن