مقالات آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

خاص وردنا- عندما يصبح التنمّر جريمة والضحك يقود إلى السجن.. البرلمان يواجه "الكلمات القاتلة"

خاص وردنا- عندما يصبح التنمّر جريمة والضحك يقود إلى السجن.. البرلمان يواجه

في خطوة وُصفت بالجريئة، طرح النائب هاكوب ترزيان مشروع قانون يجرّم التنمّر في لبنان، ويعاقب مرتكبيه بالسجن حتى سبع سنوات إضافةً إلى غرامات مالية.

ترزيان برّر خطوته بأنها ضرورية للتصدي لظاهرة اجتماعية متفاقمة تهدد السلامة النفسية والاجتماعية للمواطنين.

الهدف الأساسي للقانون، بحسب ترزيان، ليس العقوبة بحد ذاتها، بل الردع ونشر التوعية وبناء بيئة قائمة على الاحترام والكرامة والعدالة. إلا أن هذا المقترح أثار جدلًا واسعًا، إذ اعتبره البعض “غريبًا”، فمن كان يتخيّل أن المزاح الذي يراه المتنمّرون بريئًا قد يقود إلى السجن أو الغرامة؟

يقول النائب هاكوب ترزيان لـ”وردنا” إن اقتراح القانون جاء بعد دراسات ومناقشات مع خبراء في السلطة القضائية، وقد استغرق وقتًا طويلًا من البحث. ويوضح أن الهدف هو تجريم الفعل وردع المتنمّرين، وليس الانتقام منهم، مؤكدًا أن تطبيقه سيكون عبر القضاء، فيما للإعلام دور أساسي في مواكبته وتعزيز الوعي المجتمعي.

التنمّر وظلاله النفسية

توضح الأخصائية النفسية دارين زين الدين عبر "وردنا" أن التنمّر يترك آثارًا نفسية عميقة، خصوصًا عند الأطفال والمراهقين. وتشير إلى دراسة أجرتها جمعية "إنقاذ الطفل" أظهرت أن طفلًا من بين اثنين في لبنان يتعرّض للتنمّر في مرحلة من حياته.

وتلفت زين الدين إلى أن القانون خطوة ضرورية لكنه غير كافٍ بمفرده، إذ إن التنمّر غالبًا ما يرتبط بمشكلات أعمق مثل ضعف الثقة بالنفس أو التعرض للعنف المنزلي. لذلك، يجب أن يترافق مع برامج تربوية واجتماعية تعالج الأسباب الجذرية.

كما تؤكد أن التنمّر الإلكتروني هو الأخطر لأنه يلاحق الضحية في أي زمان ومكان، ويسبّب القلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية. وتشدّد على أن القاصرين وذوي الإعاقة هم الأكثر هشاشة، ما يستدعي توفير حماية خاصة لهم عبر سياسات تربوية توعوية تعزز احترام الاختلاف.

قراءة قانونية للمشروع

من جهته، يرى المحامي جاد طعمه، أستاذ القانون في الجامعة اللبنانية، أن المشروع يُسدّ ثغرة مهمة في التشريع اللبناني، حيث لا تغطيه جرائم الشتم والقدح التقليدية. ويشير إلى أن قوة القانون تكمن في تركيزه على عنصري التكرار واستغلال تفاوت موازين القوة، إضافة إلى توافقه مع الاتفاقيات الدولية.

ويعتبر طعمه في حديث لـ"وردنا" أن تشديد العقوبات مبرَّر بحكم الطبيعة المركّبة للجريمة وآثارها الممتدة التي قد تصل إلى الانتحار، لكنّه يشدّد على ضرورة اعتماد مبدأ التناسب حتى لا تتحوّل العقوبات إلى رد فعل عاطفي غير مدروس.

أما بخصوص إدراج التنمّر الإلكتروني ضمن المشروع، فيصفها طعمه بخطوة متقدّمة تعكس وعيًا بمخاطر العصر الرقمي، لكنه يدعو إلى تشريع أشمل للجرائم الإلكترونية لتحقيق تكامل تشريعي يحمي المواطنين على كل المستويات.

حكاية شخصية: من التنمّر إلى النجاح

الصحافي غسان سعود هو أحد الذين واجهوا التنمّر بسبب "لدغة" في نطقه. إلا أنه استطاع تحويل هذا التحدي إلى دافع للنجاح.

ويقول سعود لـ"وردنا" إن الوعي المجتمعي اليوم أكبر من السابق، بفضل المدارس والإدارات التي باتت تحاسب، وانتشار الثقافة التوعوية.

ويرى سعود أن القانون قد يصعب تطبيقه عمليًا، لكنه مهم في خلق نقاش عام وردع الناس، مشددًا على أن الحل يكمن في التربية والوعي والحملات التوعوية أكثر من النصوص القانونية وحدها.

في المحصلة، يبقى التنمّر من أسوأ الظواهر التي قد تدمّر حياة الأفراد. فالبعض يتعامل معه كدافع للنجاح، فيما يقود آخرين إلى الاكتئاب والانهيار النفسي.

وبين العقوبات القانونية والجهود التربوية والاجتماعية، لعل هذا القانون يشكّل بداية مسار جديد نحو مجتمع أكثر عدالة واحترامًا للإنسان.

يقرأون الآن