مقالات آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

خاص "وردنا"- النقاط الـ13 المتنازع عليها.. معركة السيادة اللبنانية على خط النار

خاص

على طول الخط الحدودي الفاصل بين لبنان وإسرائيل، تمتد 13 نقطة استراتيجية، لتشكل أحد أبرز رموز الصراع اللبناني-الإسرائيلي وأكثر ملفاته تعقيداً وإلحاحاً. هذه النقاط ليست مجرد إحداثيات جغرافية على خرائط الأمم المتحدة، بل هي قضية سيادة وجودية للدولة اللبنانية، واختبار حقيقي لمصداقية القانون الدولي ولإرادة المجتمع الدولي. إنها قصة أرض اغتُصبت، وحق يُنتهك، وحدود دولية رُسمت بمواثيق واتفاقيات دولية، سعت إسرائيل جاهدةً إلى طمسها لفرض سياسة الأمر الواقع.

يوضح الخبير في القانون الدولي رزق زغيب لـ"وردنا" أن أساس النزاع يعود إلى اتفاقية بولي-نيوكومب (1923) التي رسّمت الحدود بين الانتدابين الفرنسي (لبنان وسوريا) والبريطاني (فلسطين) بشكل نهائي وموثق. ثم جاءت اتفاقية الهدنة (1949) لتؤكد أن خط الهدنة يتبع بالضبط هذا الخط الدولي. وبعد ذلك، جاء "الخط الأزرق" عام 2000، الذي وضعه مجلس الأمن لتأكيد انسحاب إسرائيل من لبنان تنفيذاً للقرار 425، وهو يستند أساساً إلى تلك الحدود الدولية نفسها.

هنا يبرز التناقض: بعد انسحاب إسرائيل عام 2000، حُصر الخلاف بثلاث نقاط فقط. لكن بعد حرب 2006، توسع النزاع ليشمل 13 نقطة، ما يؤكد أن إسرائيل تخلق نزاعات جديدة وتتمسك بأراضٍ لا تعود لها قانوناً.

الخيارات القانونية... بين النظرية والتعطيل السياسي

يتفق الخبير القانوني فاروق المغربي مع زغيب على أن الأساس القانوني قوي، لكنه يسلط الضوء على المعضلة العملية في تنفيذ هذا القانون. الخيار النظري الأمثل هو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية للحصول على حكم ملزم. إلا أن هذا الخيار يتطلب موافقة الطرفين، وهو ما ترفضه إسرائيل. وحتى لو صدر حكم لمصلحة لبنان، فإن تنفيذه يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن، حيث يُعتَقد أن الفيتو الأميركي سيتدخل لحماية إسرائيل، مما يعطل أي تقدم.

ويشير المغربي لـ"وردنا"، إلى أن طريقة حل النزاع تشبه "إظهار حدود العقارات"، حيث يعرض كل طرف وثائقه القديمة والصور الجوية. لكن المشكلة تكمن في أن لبنان يتعامل مع "عدو" وليس مجرد دولة جارة، مما يغلق باب المفاوضات المباشرة ويجعل الوساطة الدولية الخيار الواقعي الوحيد، كما حدث في ترسيم الحدود البحرية.

البعد العسكري... الدفاع عن حبة التراب

من وجهة نظر عسكرية وأمنية، يؤكد العميد المتقاعد منير شحادة أن أهمية هذه النقاط سيادية بحتة وليست استراتيجية أو عسكرية في جوهرها. فقيمتها تكمن في كونها أراضي لبنانية خالصة، والجيش اللبناني لن يتنازل عن أي شبر منها.

ويوضح لـ"وردنا"، أن التحدي ليس في "ترسيم" الحدود، فهي مرسّمة منذ 1923، بل في "إظهارها" على الأرض وإجبار إسرائيل على الانسحاب الكامل منها، مشيراً إلى أن "جزءاً من الحل كان جاهزاً في 2017 مع الاتفاق على 7 نقاط ("سلة أ")، لكن 6 نقاط أخرى ("سلة ب") بقيت معلقة بسبب التعنت الإسرائيلي والتطورات السياسية".

كما ويلتقط الخبراء الثلاثة خيطاً خطراً آخر، وهو الضغط الإسرائيلي والأميركي لإنهاء عمل قوات اليونيفيل، إذ يحذر شحادة من أن إنهاء عمل هذه القوات سيفتح الباب أمام مطلب التنسيق الأمني المباشر بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي، هو "خط أحمر" سياسي وأمني مطلق للبنان.

وتعد اليونيفيل حالياً الحاجز الذي يحول دون هذا السيناريو، وهي الضامن الوحيد لاستمرار آلية اتصال غير مباشرة تمنع التصعيد.

سياسة الأمر الواقع وإرادة التوسع

الخلاصة التي يجمع عليها الخبراء هي أن سلوك إسرائيل ليس مفاجئاً، بل هو جزء من سياسة توسعية متكررة تعتمد على خلق وقائع جديدة على الأرض ونقض الاتفاقيات، كما حدث في غزة وسوريا ولبنان نفسه، حيث ازداد عدد النقاط المحتلة من 5 إلى 8 مؤخراً رغم اتفاقيات التهدئة.

الحل يكمن في توحيد الموقف اللبناني على أن الخط الأحمر هو عدم التنازل عن أي حبة تراب، والعمل على تحويل القضية من نزاع عسكري وسياسي إلى قضية قانونية دولية تفضح الجيش الإسرائيلي وتعطيله للسلام. الوساطة الدولية النزيهة والضغط الدبلوماسي المستمر هما السلاحان اللذان يمكن أن يكررا نجاح نموذج ترسيم الحدود البحرية، لاستعادة ما تبقى من سيادة لبنان على كامل أراضيه.

يقرأون الآن