يعاني معظم المناطق البقاعية جفافا حادا بعد موجات الحر التي ضربت لبنان، وأثرت سلبا على مياه البحيرات والشبكات في سهل البقاع وحتى على الآبار الارتوازية، وفي ظل الإنقطاع المتكرر للمياه يعاني أهالي قرى "غرب بعلبك" من هذا الشحّ، الذي يشكّل أبسط مقومات العيش، في حين تغيب الدولة والحلول معها. فما سبب هذا الإنقطاع؟ وهل هناك مشروع لتحديث الشبكة أو خطط للإستثمار في مصادر بديلة؟
أرجعَ مدير مصلحة مياه بعلبك-الهرمل بسام سلمان، في حديث لموقع "وردنا"، سبب انقطاع المياه المتكرر في قرى غرب-بعلبك إلى الجفاف الذي أثر سلبيا على مياه بحيرة اليمونة، وتعدي المواطنين على الشبكات بشكل عشوائي وازدياد الكثافة السكانية وانتشار الإعمار.
وأكّد سلمان أن "المصلحة عمدت إلى استعاضة الشبكات بحفر آبار إرتوازية، ستوزع حسب الحاجة ديموغرافيا، وأزالت بعض التعديات عليها"، مشيرا إلى أن "نسبة المياه في الآبار الإرتوازبة انخفضت أيضا بنسبة ٦٠ بالمئة مقارنة بالأعوام السابقة".
ويؤكد سلمان أن المصلحة تحاول تركيب طاقات شمسية لكل الأبار في ظل عدم وجود أي مشاريع قريبة لتحديث شبكات المياه، وتابع: "هذا أقصى ما يمكن أن نقوم به في ظل الجفاف الحاصل".
وفي إطار التنسيق بين البلديات ومصلحة المياه لمواجهة المشكلة، أوضح سلمان أن "المسؤول عن توزيع المياه بين المناطق، هو مركز قسم الصيانة وتوزيع المياه في شمسطار التابع لدائرة بعلبك، والتي بدورها تابعة لمصلحة مياه بعلبك".
لا شك أن لبنان بلد غني بالمياه، لامتلاكه النسبة الأعلى من المتساقطات بين البلاد المجاورة، وجباله في الصيف كفيلة لدرء العطش بعد ذوبان الثلوج المتراكمة عليها، لتتحوّل مياه صافية في أنهارهِ وينابيعه.
الى ذلك، استطلع موقع "وردنا" سكان المنقطة، للوقوف عند معاناتهم من شحّ المياه. تقول أم هادي سيف الدين وهي من سكان بلدة طاريا-تليلة، إنّ المياه متوفرة شتاءً، لكن في الصيف تنقطع بشكل كامل والسبب ليس فقط الجفاف الحاصل، بل في إحتكار مياه اليمونة من قِبل مزارعي الحشيشة وتجار المخدرات في المنطقة لري مزروعاتهم".
ولفتت الى محاولات قامت بها الأجهزة الأمنية، في مقدّمها الجيش اللبناني، لإبعاد تجار الحشيشة عن مصادر المياه في المنطقة، الا انّ المحاولات غالبا ما كانت تنتهي بسقوط شهداء وجرحى للجيش، إضافة الى غياب القرار الموحّد لمكافحة هذه الظاهرة.
ويقول أهالي منطقة طاريا – تليلة عبر "وردنا"، إنّ الآبار موجودة مسبقا بإدارة البلدية التي حاولت منذ شهرين تحويل المياه للبلدة، لتكتشف لاحقا أن الكثير من أهلها يأخذون أكثر من حاجتهم للمياه ما أعاق وصولها لجميع المنازل".
ويشير الاهالي الى انّ "البلدية سلّمت مهام توزيع المياه في المنطقة إلى مؤسسة مياه البقاع، والتي بدورها، قادرة على فرض رسوم على المخالفين، الا انّ لا خطوة فعلية اتخذت لحلّ المشكلة، ونحن على ابواب الشتاء".
وعن معاناة الأهالي، لفتت سيف الدين الى أنهم يشترون صهريج المياه بكلفة تصل إلى ١,٥٠٠,٠٠٠ ل.ل للاستخدام المنزلي فقط، في حين أن ريّ المزروعات يحتاج إلى أكثر من ذلك، وتابعت: "ندرك أن صاحب الصهريج يستغلّ حاجتنا".
من جهته، يضيف علي العزير من شمسطار، في حديث لـ"وردنا": "حاجة أهالي المنطقة إلى المياه تقتصر فقط على الاستخدام المنزلي، وأن معظم المزارعين يمتلكون آبارا إرتوازية في أراضيهم"، في إشارة منه إلى أن المزارعين لن يكبدوا الدولة المزيد من الجهد لري مزروعاتهم، واستنكر العزير تحويل المياه ليوم واحد في الاسبوع، في حين أن بلدته شمسطار بلدة غنية بالمياه.
إذا، في بلد غني بالمياه مثل لبنان، من الطبيعي أن تعاني مناطقه الجفاف المتكرر في ظل غياب التدبير، وسوء الإدارة والإستخدام.