تخطط بوينغ لطائرة جديدة أحادية الممر تحل محل 737 ماكس، وفقاً لمصادر مطلعة، في محاولة طويلة الأمد لاستعادة أعمال فقدتها لصالح منافستها إيرباص بعد سلسلة من مشكلات السلامة والجودة، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.
في وقت سابق من هذا العام، التقى الرئيس التنفيذي كيلي أورتبرغ بمسؤولين من شركة رولز-رويس في المملكة المتحدة، حيث ناقشوا محركاً جديداً للطائرة. كما عيّن أورتبرغ مسؤولاً جديداً عن تطوير المنتجات في قسم الطائرات التجارية، كان قد تولى سابقاً تطوير طراز جديد من الطائرات.
وبحسب مطلعين، تعمل الشركة أيضاً على تصميم قمرة قيادة لطائرة ضيقة البدن جديدة، لكن المشروع ما يزال في مراحله المبكرة.
تمثل هذه الخطط تحوّلاً لبويـنغ، التي أجّلت بعض مشاريع الطائرات الجديدة في ظل التحديات المتعددة التي تواجهها. كما تعكس رهان الشركة على أن تصميم طائرة متطورة يمكن أن يدفع أعمالها لعدة عقود مقبلة.
لم يعلن أورتبرغ علناً عن أي خطط لبديل 737. وقد أكد باستمرار أن أولوياته هي معالجة مشاكل الجودة والتصنيع المستمرة وتعزيز الميزانية العمومية للشركة. وقال في مؤتمر للمستثمرين إن إنهاء مشاريع قائمة «سيوفر الكثير من رأس المال لنركز على الخطوة التالية».
وأكدت بوينغ في بيان أنها ما تزال تركز على خطة التعافي، بما في ذلك تسليم نحو 6,000 طائرة تجارية متراكمة في قائمة الطلبات والحصول على شهادات للطرازات المعلن عنها مسبقاً.
وأضافت الشركة: «يقوم فريقنا بتقييم السوق، وتطوير التقنيات الرئيسية، وتحسين الأداء المالي، حتى نكون جاهزين للمضي قدماً عندما يحين الوقت لإطلاق منتج جديد».
وفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، فقد واجهت برامج تطوير الطائرات لدى بوينغ صعوبات خلال السنوات الأخيرة. دخلت طائرة 737 ماكس الخدمة عام 2017، لكن حادثي تحطم أديا إلى إيقاف عالمي لأسطولها عام 2019 وتأجيل إصدار نسخ جديدة منها. كما تخلّت الشركة لاحقاً عن خطط تطوير طائرة متوسطة الحجم كانت تتباهى بها، وتأخرت لسنوات في ترقية طراز 777.
هذه الأزمات قوّضت ثقة العملاء، وتسببت في تغييرات متكررة في الإدارة العليا، وأدت إلى تشديد الرقابة التنظيمية.
في الوقت الذي تعثرت فيه بوينغ، واصلت إيرباص التقدم لتصبح أكبر صانع طائرات في العالم من حيث التسليمات وقائمة الطلبات. ورغم أن إنتاجها بدأ بعد منافستها الأميركية بنحو 20 عاماً، فإن تسليمات طائرات A320 الضيقة البدن وصلت إلى مستوى تسليمات طائرات 737.
وقد أتاحت مكاسب إيرباص لها مليارات الدولارات للاستثمار في جيلها الجديد من الطائرات الضيقة البدن، المخطط تسليمها للعملاء في أواخر ثلاثينيات القرن الحالي.
الرئيس التنفيذي السابق ديف كالهون كان قد درس فكرة إحياء مشروع الطائرة المتوسطة الحجم كبديل تدريجي لعائلة 737 وناقشها مع العملاء. لكن تلك الخطط تراجعت أمام مشاكل أكثر إلحاحاً، خصوصاً بعد حادث انفجار باب طوارئ في الجو كشف عن مشاكل تصنيع مزمنة وأدى إلى استقالته عام 2024.
تاريخياً، اعتادت بوينغ الإعلان عن خططها التطويرية مبكراً لاستقطاب العملاء، وتأمين الموردين، وجذب المستثمرين. وأورتبرغ، الذي يقود الشركة منذ أكثر من عام، يسعى إلى وضع بصمته الكبرى في هذا الاتجاه.
تصميم طائرة جديدة من الصفر قد يستغرق أكثر من عقد ويكلّف عشرات المليارات من الدولارات. وعادة ما يتطلب الأمر تحسين كفاءة استهلاك الوقود بنسبة لا تقل عن 15% للشروع بمثل هذا المشروع، وهو ما يمكن تحقيقه عبر محركات جديدة، ومواد أخف، أو تغييرات جذرية في هيكل الطائرة.
في فبراير، زار أورتبرغ مصنع رولز-رويس في مدينة ديربي البريطانية، حيث استمع لعرض الشركة بشأن تزويد الطائرة الجديدة بمحركها. وقال الرئيس التنفيذي لرولز-رويس توفان إرجينبيلغيت في فعالية للمستثمرين: «لقد استضفنا بالفعل قيادة بوينغ في ديربي هذا العام لمناقشة الطائرات الضيقة البدن، وهذا يوضح طبيعة المحادثات».
رولز-رويس، التي بدأت اختبار نموذج لمحركها الأحدث عام 2023، لم تحصل بعد على أي زبون للتقنية. وقال رئيسها التنفيذي إن المحرك الجديد قد يوفر زيادة في الكفاءة تصل إلى 10% مقارنة بمحركات إيرباص A320neo، وترتفع إلى 20% عند دمجها مع تحسينات أخرى في هيكل الطائرة. كما أشار إلى إمكانية بدء التسليمات بحلول عام 2035، وهو جدول أسرع مما تخطط له إيرباص.
وفي أبريل، أعادت بوينغ توجيه مشروعها المشترك مع «ناسا» المعروف بـ X-66، من تطوير طائرة خضراء ثورية إلى تصميم جناح أخف وأكثر انسيابية للطراز الجديد. وفي الشهر التالي، رقى أورتبرغ مدير شركة Wisk Aero (التابعة لبوينغ والمتخصصة في التاكسي الطائر) لقيادة تطوير المنتجات التجارية، بما في ذلك الإشراف على أي بديل لعائلة 737.
سعى أورتبرغ إلى إقناع العملاء والجمهور بقدرة بوينغ على تجاوز أزماتها، وقد انعكس ذلك في تصريحات شركات طيران مثل «رايان إير»، أحد أكبر عملاء بوينغ وأكثرهم انتقاداً في الماضي، حيث قال رئيسها التنفيذي مايكل أوليري إن بوينغ «تقوم بعمل جيد جداً حالياً، الطائرات تُسلَّم مبكراً، والجودة ممتازة».
من جانبها، بدأت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية تخفف من قبضتها على عمليات تسليم وإنتاج بوينغ، وأبدت رضا مبدئياً عن جهود الشركة في تحسين جودة التصنيع.
لكن لا تزال أمام بوينغ عقبات كبيرة في المدى القريب، بينها عدم حصول نسختين جديدتين من 737 ماكس على الشهادات بعد، وتأخرها نحو ست سنوات في طرح طراز 777X المحدث في السوق.