خاص

منذ إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن خطته "النهائية" لإنهاء الحرب في غزة، بدا المشهد الإقليمي مفتوحاً على احتمالات جديدة، بين تسويات ممكنة ومواجهات مقبلة. الخطة التي وافق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضعت الكرة في ملعب حركة حماس، لكن السؤال الأبرز يبقى: هل ستقبل حماس بالشروط الأميركية؟ وإن رفضت، هل ستبقى النار محصورة في غزة أم ستنتقل إلى لبنان؟

يرى الجنرال هشام جابر أنّ الحديث عن إنهاء الحرب في غزة سابق لأوانه. فالخطة الأميركية تقوم على أساس نزع سلاح حماس وتسليمه، وهو أمر من غير المرجح أن توافق عليه الحركة. وإن تمسكت حماس بسلاحها ورفضت المقترحات، فإن إسرائيل، كما يحذر جابر، قد تدمر ما تبقى من غزة في غضون 24 ساعة.

بهذا المعنى، فإن مصير غزة ليس مرتبطاً فقط بالاتفاقيات أو الضغوط الدولية، بل بموقف حماس وإصرارها على الاحتفاظ بسلاحها الذي تعتبره صمام الأمان في مواجهة إسرائيل.

يصف جابر حكومة نتنياهو بأنها "حكومة حرب"، معتبراً أنها لن تستمر من دون معركة عسكرية. فمنذ السابع من تشرين الأول، يعيش نتنياهو على وقع الحرب، وهي بالنسبة له حاجة سياسية ووجودية. أي توقف للحرب في غزة قد يفتح الباب أمام سقوط حكومته، ولهذا فإن البحث عن جبهة جديدة يصبح خياراً قائماً بقوة.

ولبنان، كما يشير جابر، هو الهدف الثاني الطبيعي لإسرائيل بعد غزة. فحزب الله يشكل التهديد الأبرز على الحدود الشمالية، والضغط عليه قد يحقق لنتنياهو فرصة جديدة للبقاء السياسي.

ويرى جابر أنّ إسرائيل لن تدخل حرباً شاملة مباشرة مع لبنان، بل ستصعّد بشكل تدريجي، بدءاً من استهداف الضاحية الجنوبية والبقاع. هذا السيناريو سيستدعي حكماً ردّ حزب الله، ما يفتح الباب أمام تصعيد متبادل قد يصعب ضبطه.

لكن السؤال الأساسي الذي يطرحه جابر هو: ما هي الخطوط الحمراء التي سيسمح بها الأميركي في أي مواجهة؟ هل يُسمح لإسرائيل بقصف مطار بيروت الدولي أو المرافق الحيوية والبنية التحتية الرسمية في لبنان؟ أم أنّ واشنطن ستضع حدوداً لتفادي حرب شاملة قد تجر المنطقة بأكملها إلى الفوضى؟

ويستشهد جابر بتصريح سابق للمبعوث الأميركي توم باراك الذي قال بوضوح إن "لا خطوط حمراء أمام نتنياهو، ويمكنه أن يضرب متى شاء وأينما شاء". وهو كلام يعكس حجم المخاطر في حال تم إطلاق يد إسرائيل بالكامل.

وحول احتمال أن تكون إيران الهدف المباشر لإسرائيل بدلاً من لبنان، يستبعد جابر هذا الخيار. فبرأيه، يدرك ترامب أنّ أي حرب مع إيران لن تكون مربحة، بل كارثية. إذ إن محاولة تغيير النظام بالقوة ستؤدي إلى نتيجة عكسية، حيث سيتوحّد الشعب الإيراني حول نظامه في مواجهة أي عدوان خارجي.

ويضيف أنّ "النفس الإيراني" يجب أن يُفهم جيداً: فالتغيير في إيران، إذا حصل، لا يمكن أن يأتي عبر الحروب، بل من الداخل، عبر مسارات سياسية واجتماعية واقتصادية.

تضع تصريحات الجنرال هشام جابر صورة معقّدة للمرحلة المقبلة: غزة تقف أمام احتمال تسوية مشروطة أو دمار كامل، وحكومة نتنياهو تبحث عن حرب جديدة لتستمر، فيما لبنان يبقى على فوهة بركان، مهدداً بأن يكون المسرح التالي للتصعيد.

لكن يبقى السؤال الكبير: هل تسمح الولايات المتحدة لإسرائيل بفتح هذه الجبهة من دون قيود؟ وماذا سيكون موقف الحكومة اللبنانية إذا تحقّق السيناريو الأسوأ؟

ما هو مؤكّد أنّ المنطقة مقبلة على مرحلة دقيقة، حيث لا يبدو أنّ خطة ترامب أنهت الحرب بقدر ما فتحت الباب على احتمالات أوسع وأخطر.

يقرأون الآن