خاص

عامان على عملية "طوفان الأقصى" التي شنّتها حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، وردّت إسرائيل عليها بعملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة. كانت الحرب دموية وعنيفة، وأسفرت عن أعداد هائلة من الضحايا، والكثير من الجرحى والمفقودين والأسرى الفلسطينيين.

إلا أن الفرح عمّ أرجاء قطاع غزة أمس الجمعة، بعد موافقة حركة حماس بشكل جزئي على خطة من 20 نقطة تقدم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب. ومع تحفظات على بعض البنود التي تتطلب مزيداً من التفاوض والتوضيح، طالبت واشنطن بأن تنفذ إسرائيل المرحلة الأولى من الخطة بسرعة، التي تشمل وقف القصف، الإفراج عن الرهائن، وبدء العمليات الإنسانية. وردّ ترامب على الموافقة الجزئية من حماس بطلب التوقّف الفوري لإسرائيل عن القصف لضمان سلامة تبادل الرهائن.

المرحلة الأولى من الخطة تتضمن:

-وقف فوري لإطلاق النار إذا قبل الطرفان الخطة رسميًا.

-إطلاق سراح جميع الرهائن (الأحياء والأموات) خلال 72 ساعة من إعلان قبول إسرائيل بالخطة.

-تجميد العمليات العسكرية الإسرائيلية، ووقف القصف الجوي والمدفعي، وتجميد خطوط القتال أثناء فترة تبادل الرهائن.

-انسحاب جزئي تدريجي للقوات الإسرائيلية إلى خطوط متفق عليها مسبقًا.

-تبادل الأسرى الفلسطينيين مقابل الرهائن وفقًا لصيغة الاتفاق المعلنة.

-تسليم الإدارة المدنية في غزة إلى هيئة انتقالية فلسطينية تكنوقراطية بإشراف دولي.

-بدء ضخ مساعدات إنسانية وإعادة الخدمات الأساسية (كهرباء، مياه، إزالة أنقاض، بنى تحتية) عبر معابر مثل "رفح" بآليات حيادية، دون تدخل من إسرائيل أو حماس في التوزيع.

ومع ذلك، لم تخل الخطة من نقاط خلافية وتحفظات. لم تقبل حماس على الفور بند نزع السلاح، وهو من أبرز نقاط الخلاف. كما رفضت ما يُعرف بـ "Board of Peace" أو الهيئة الدولية التي اقترحها ترامب لإدارة غزة موقتًا، مؤكدة رفضها إدخال أشخاص غير فلسطينيين في السيطرة على القطاع، وأن بعض البنود التي تتعلق بمستقبل غزة وحقوق الفلسطينيين تحتاج إلى "توافق وطني فصائلي" ودراسة أعمق.

مؤشرات توتر إقليمي واحتمالات تصعيد بين إسرائيل وإيران

في ظل هذه التطورات، يطرح السؤال: ما السيناريو المتوقع بعد انتهاء الحرب في غزة؟ وهل ستنتقل الحرب إلى مناطق أخرى؟

تتزايد المؤشرات حول حرب إسرائيلية - إيرانية كبرى، أو على الأقل "جولة ثانية من الحرب بينهما". ففي يونيو 2025، اندلعت مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران استمرت 12 يومًا، بدأت بهجوم إسرائيلي مفاجئ على منشآت نووية إيرانية، ردّت عليه إيران بإطلاق نحو 550 صاروخًا باليستيًا وأكثر من 1000 طائرة مسيّرة على إسرائيل. أسفرت المواجهة عن مقتل 28 شخصًا، غالبيتهم من المدنيين، وإصابة أكثر من 3000، إلى جانب تدمير عشرات المنازل والبنى التحتية. من جهتها، أعلنت إسرائيل تدمير ثلثي منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية وأجزاء كبيرة من دفاعاتها الجوية.

مؤخرًا، حطّت 12 طائرة أميركية لتزويد الوقود في الخليج، كما وصلت حاملات طائرات أميركية إلى الشرق الأوسط، إلى جانب عشرات الطائرات الحربية التي هبطت في المنطقة، مع تعويض أميركي لإسرائيل بنقص الدفاعات الجوية مثل القبة الحديدية. كل هذه التحركات تشير إلى تحضيرات لحرب محتملة.

من جهة أخرى، طلبت إيران من الصين منظومات دفاع جوي وطائرات مقاتلة من نوع J-10، ما يدل على استعدادها لحرب قد تكون أطول وأعنف من السابقة، مع احتمال دخول "حزب الله" إلى جانبها إذا تطلب الأمر.

العراق.. هل يدخل ساحة الصراع؟

في الإسلام، هناك مفهوم "التكليف الشرعي" الذي يعني أن الله يكلّف الإنسان بأوامر ونواهي تكون مسؤولًا تجاهها، بشروط مثل العقل، والبلوغ، والقدرة. حزب الله يعتمد على هذا المفهوم، معتبرًا أن القتال أو المقاومة يمكن أن يكون فرضًا شرعيًا حتى لو لم تكن الظروف مادية أو تقنية مثالية، طالما رأت القيادة الشرعية أن الأمر فرض ديني أو مصلحة شرعية.

في الفقه الشيعي، القتال يعتبر تكليفًا شرعيًا بشروط: وجود سبب شرعي كالدفاع أو رد العدوان، وصدور فتوى من جهة مخولة، مع مراعاة القدرة والوسائل، حيث لا يُكلف الإنسان ما لا يطيق. كما تؤخذ المصلحة والضرر والتدرج بعين الاعتبار، فلا يُعمّم التكليف إذا لم تتوفر الجاهزية العسكرية.

أما بالنسبة للعراق، فهناك توقعات بأن إسرائيل قد تستهدف مناطق فيه، في محاولة لتفكيك محور إيران من لبنان إلى العراق، بما يشمل الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل مسلّحة، معظمها شيعية وبعضها مرتبط بإيران وأخرى موالية للمرجعية العراقية.

الحشد الشعبي أُدرج رسميًا ضمن القوات المسلحة العراقية عام 2016، لكنه يحتفظ بهيكل مستقل ونفوذ أمني وسياسي واسع، ويتهم بعض فصائله بتجاوزات، لكنه يحظى بشعبية في أوساط مؤيديه لدوره في دحر داعش.

من جهة أخرى، يرى الجنرال علي أبي رعد في حديث لـ"وردنا" أن الحرب في لبنان مستبعدة في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن إسرائيل تفضل الاستهدافات الجوية المحدودة بدعم أميركي غير مباشر، بسبب مشاكل بشرية وتقنية تمنعها من شن حرب برية شاملة. كما يؤكد أن إيران تواصل تجهيز نفسها، وأن هناك تبادل رسائل وتحركات عسكرية بين الدول الكبرى في المنطقة.

كما يشير إلى أن الملف الصاروخي الإيراني بات أهم من الملف النووي بالنسبة لإسرائيل وأميركا، حيث تطالبان بوقف تطوير الصواريخ الدقيقة، وهو ما ترفضه طهران تمامًا.

الوضع في المنطقة يبقى متوترًا للغاية، وأي خطأ قد يجر المنطقة إلى حرب إقليمية مدمرة. السيناريوهات متعددة، لكن من المؤكد أن إسرائيل ستسعى لضرب إيران، حتى وإن لم يكن ذلك في الوقت الحالي.

يقرأون الآن