مقالات

خاص "وردنا" - "طوفان الأقصى".. بالتفاصيل: حزب الله دخل الحرب عن سابق علم أم مفاجأة؟!

خاص

7 أكتوبر 2023، التاريخ الذي يراه البعض على أنه البلاء الأكبر الذي أصاب الشرق الأوسط، فيما يعتبره آخرون نقطة تحوّل تاريخية، كشّرت عن أنياب الأعداء من جهة، وكرّست دور المقاومة من جهة أخرى.

في عودة إلى ذلك اليوم، ووفق ما أصبح لاحقاً يعرف باسم عملية طوفان الأقصى، شنّت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، هجوماً عسكرياً مفاجئاً ضد إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. وقد اعتُبرت هذه العملية واحدة من أخطر وأكبر الضربات التي تعرضت لها إسرائيل منذ قيامها، وشكّلت نقطة تحوّل جذرية في مسار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إذ أشعلت حرباً طاحنة امتدت تداعياتها إلى لبنان، وبلغت إيران، ومرّت على العراق واليمن، وانتهت بمرحلة مفصلية في سوريا بسقوط نظام بشار الأسد.

فماذا حدث في ذلك اليوم؟

مع بزوغ صباح 7 أكتوبر، بدأت العملية بقصف صاروخي كثيف، إذ أُطلقت آلاف الصواريخ من قطاع غزة باتجاه مدن وبلدات إسرائيلية، من غلاف غزة وحتى تل أبيب والقدس. تسبب الهجوم في حالة من الذعر العام وانهيار نسبي في منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، وسط ارتباك واضح في صفوف الجيش والأجهزة الأمنية.

بالتزامن مع الهجوم الصاروخي، تسلل مئات المقاتلين الفلسطينيين التابعين لكتائب القسام وفصائل أخرى عبر السياج الحدودي، مستخدمين وسائل مختلفة: دراجات نارية، طيران شراعي، سيارات، وحتى قوارب بحرية. ونجحوا في اقتحام قواعد عسكرية إسرائيلية، ونقاط مراقبة حدودية، وعدد من الكيبوتسات والمستوطنات المحيطة بالقطاع، مثل كفار عزة، بئيري، ونير عوز.

اندلعت اشتباكات عنيفة داخل الأراضي الإسرائيلية، أسفرت عن مقتل مئات من الجنود والمدنيين الإسرائيليين في الساعات الأولى، بينما تم تنفيذ عمليات احتجاز رهائن وقتل جماعي داخل بعض المستوطنات، كما أظهرت لاحقاً مقاطع الفيديو والشهادات التي خرجت من قلب الحدث.

في خضم هذا الهجوم، قامت حماس بأسر العشرات من الجنود والمدنيين الإسرائيليين، وتم نقلهم إلى داخل قطاع غزة، لاستخدامهم كورقة تفاوض استراتيجية في المواجهة المقبلة.

الهجوم باغت إسرائيل بشكل كامل، وأظهر ثغرات عميقة في منظومتها الاستخباراتية والعسكرية، التي فشلت في التنبؤ بالعملية أو حتى احتوائها في بداياتها. على الفور، أعلنت إسرائيل حالة الحرب، وبدأت حملة عسكرية عنيفة ضد قطاع غزة، ووصفت هذا الهجوم بأنه الأخطر في تاريخها. لكن المفاجأة لم تتوقف عند غزة...

حزب الله يدخل خط النار.. صدفة؟!

بعد يوم فقط من انطلاق "طوفان الأقصى"، وتحديداً في 8 أكتوبر 2023، دخل حزب الله في لبنان على خط المعركة، لكن بشكل تدريجي ومحسوب، دون إعلان رسمي عن الحرب.

في البداية، نفّذ الحزب عمليات قصف محدودة استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة، وعلى طول الحدود بين لبنان وفلسطين، باستخدام قذائف هاون وصواريخ موجهة. مع مرور الوقت، تصاعدت وتيرة العمليات، وبدأ الحزب باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة لضرب قواعد ومواقع إسرائيلية شمال فلسطين المحتلة، بما في ذلك مناطق مثل كريات شمونة، روش بينا، وصفد. إسرائيل من جهتها ردّت بقصف مواقع حدودية في جنوب لبنان، قبل أن تتوسع لاحقاً نحو استهداف ضواحي بيروت ومناطق أعمق في الداخل اللبناني.

ورغم هذا التصعيد، لم يُعلن الحزب دخوله الرسمي في الحرب، بل بقيت مشاركته في إطار ما يمكن وصفه بـ"حرب الإسناد"، وليس المواجهة الشاملة. ومع تصاعد الحرب في غزة خلال أواخر 2023 وبدايات 2024، أصبحت الاشتباكات على الحدود اللبنانية الفلسطينية شبه يومية، وتحولت الجبهة الجنوبية للبنان إلى ساحة مفتوحة.

بلغ التوتر ذروته في منتصف عام 2024، عندما شنت إسرائيل غارات على مناطق قرب بيروت، وردّ حزب الله بهجمات أوسع، ما أوحى بأن الأمور تتجه نحو مواجهة كبيرة.

لكن يبقى السؤال الأكبر: هل كان حزب الله، أو حتى إيران، على علم مسبق بالهجوم؟

وفق تقارير صحافية، فإن القائد العام الراحل لحماس، يحيى السنوار، أرسل في آب/ أغسطس 2023 نائبه خليل الحية إلى بيروت ليُبلغ حزب الله بنية حماس تنفيذ عملية كبرى بتاريخ 7 أكتوبر. الحية وصل إلى بيروت بالفعل، لكن ظروفاً معينة منعته من لقاء الأمين العام لحزب الله الراحل، السيد حسن نصر الله. وبدلاً من ذلك، التقى الحية مع نائب مسؤول ملف فلسطين في فيلق القدس الإيراني، وأبلغه بمخطط العملية، على أن ينقل الرسالة بدوره إلى قيادة فيلق القدس وحزب الله.

لكن، بحسب مصادر إعلامية خاصة نقلت عنها منصة "وردنا"، لم يتم إبلاغ أحد من القيادات العليا، لا في الحزب ولا في فيلق القدس. وعليه، لم يكن هناك تنسيق مباشر أو معرفة مسبقة لديهم بالتوقيت الدقيق للعملية.

ومع حلول صباح 7 أكتوبر، ومع بدء الهجوم، اتصل صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بقيادة حزب الله ليبلغهم بأن العملية قد بدأت. بدورهم، أبلغ قادة الحزب السيد نصر الله، الذي قام بإبلاغ القيادة الإيرانية، التي علمت بالهجوم بعد ساعة تقريباً من بدئه.

تبع ذلك نقاش عميق بين إيران وحزب الله حول ما إذا كان من المناسب الدخول في حرب مفتوحة. إيران كانت معارضة للتصعيد وتوسيع الجبهة، فيما كان نصر الله ميالاً إلى إسناد غزة من منطلق عقائدي وإنساني وديني، لكنه لم يكن يرى أن الظروف مناسبة لحرب واسعة مع إسرائيل في ذلك الوقت.

ومع ذلك، جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، وبدأت جبهة الجنوب تتّسع شيئاً فشيئاً، وصولاً إلى ما نراه اليوم.

حتى أكتوبر 2025، لا تزال الجبهة اللبنانية مشتعلة، عبر سلسلة من الغارات الإسرائيلية المتواصلة على الجنوب، ومن حين لآخر على البقاع والضاحية الجنوبية في بيروت. كما تستهدف إسرائيل بشكل مستمر عناصر من حزب الله في عمليات دقيقة.

الوضع حتى الآن معلّق: هجمات إسرائيلية متواصلة، في مقابل صمت من الحزب خلال المرحلة الحالية، وسط ترقّب لما قد تحمله الأيام المقبلة. فهل تحمل لنا حرباً أعنف وأوسع؟ أم سلاماً دائماً؟

يقرأون الآن