مقالات

خاص "وردنا"- الترسيم مع قبرص...لبنان على خط التنازلات أو نحو تلزيم البلوكات؟

خاص

وسط تصاعد العمليات العسكرية الاسرائيلية والهواجس من توسيع الحرب على لبنان، والضغوطات الأميركية لنزع سلاح "حزب الله"، والاختلافات السياسية على قانون الانتخابات النيابية، عاد ملف الترسيم البحري بين لبنان وقبرص الى الواجهة بعد أن وافق مجلس الوزراء أمس على إتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص وعلى منح إتفاقية إستكشاف الغاز والإنتاج في الرقعة رقم 8. وبهذا الترسيم، يكون لبنان أنهى ترسيم حدوده البحرية مع إسرائيل بعد ان وقّع إتفاقية في 27 تشرين الأول 2022، واعتُمِدت النقطة رقم 23 كنقطة فاصلة مشتركة بينهما. وفي 23 تشرين الثاني 2025، وافقت الحكومة اللبنانية على إتفاقية الترسيم البحري مع قبرص ليبقى الترسيم البحري مع سوريا، وإشكالية النقطة الثلاثية بين سوريا ولبنان وقبرص إذ ان الاحداثيات السورية لا تعترف بتثبيت النقطة رقم 7 بدلًا من 6 كما جاء في المرسوم رقم 2011/6433.  

وتعود مشكلة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص الى عام 2007 حين حُددت المنطقة الاقتصادية الخالصة بين النقطتين 1 و6 . وبعد أيام من توقيع اتفاق الترسيم بين لبنان وإسرائيل (2022)، بدأت مفاوضات جديدة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص. وفي العام 2023، قدّم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى نظيره القبرصي طلباً رسمياً لإعادة التفاوض على اتفاق تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة الموقع عام 2007، ولم تتحقق أي خطوة في الترسيم الى أن أعاد الرئيس جوزاف عون تحريك الملف مع الجانب القبرصي خلال زيارته إلى قبرص، وأبلغ مجلس الوزراء، في جلسته في 11/7/2025، أنه اتفق مع نظيره القبرصي على التّسريع في حلّ مسألة ترسيم الحدود بين البلدين. 

في الترسيم التقني لا وجود للسياسة والعواطف

وفيما لم تعرض الاتفاقية على مجلس النواب لدراستها، فقد شكلت مادة خلافية بين المعنيين في لبنان اذ يعتبر البعض ان لبنان قدم تنازلات كبيرة لصالح قبرص تماما كما فعل في الترسيم البحري مع إسرائيل. في حين، يرى آخرون ان هذا الكلام سياسي وعاطفي أكثر منه واقعي ومنطقي وقانوني. عندما نتحدث في الترسيم التقني، لا وجود للسياسة والعواطف بحسب العميد بسام ياسين الذي سأل عبر موقع "وردنا": هل الرأي القانوني يتحدث عن تنازل؟ خلال دراستنا الحدود البحرية الجنوبية، درسنا الترسيم مع قبرص ومع سوريا أيضا، وكنا على قناعة تامة ان الخط الوسط بين لبنان وقبرص هو الخط القانوني الصحيح نظرا لأحكام سابقة. في الترسيم البحري لا يمكن ملاحظة التعرجات بشكل دقيق، والخبير القانوني نجيب مسيحي الذي نثق به، والذي كان يتمسك بكل متر في التفاوض مع اسرائيل لن يفرط بحق لبنان مع قبرص. هناك دراسة قانونية متكاملة استند اليها مجلس الوزراء. 

إعادة النظر بالاتفاقية

أما الخبير والمستشار في الشؤون النفطية ربيع ياغي فله رأي آخر اذ أكد في حديث لموقع "وردنا" انه بمجرد ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بشكل رسمي، تغيرت نقطة البداية التي كانت 23 وأصبحت نقطة 1. وبالتالي، على قبرص تغيير أو اعادة النظر بالاتفاقية التي لم تبرم لغاية اليوم بين لبنان وقبرص. ثم الاهم من الحدود القبرصية هو تحديد الحدود البحرية الشمالية بين لبنان وسوريا. وهنا نسأل: كيف يمكن تلزيم البلوك 1 والحدود البحرية بين لبنان وسوريا غير مرسّمة؟. لا يمكن التلزيم لأن ليس هناك من احداثيات للحدود.

واعتبر ان ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص ليس معقدا لأن رسم الخط الوسطي يترسم بسهولة بين بلدين متقابلين، لكن رسميا يجب أن تتعدل الاتفاقية لأن النقطة الثلاثية في ترسيم الجنوب تغيّرت. منذ الترسيم مع قبرص سنة 2007 لغاية اليوم، لم تُدرس الاتفاقية في مجلس النواب، وهي الى اليوم غير قانونية، وحين أرسلها لبنان الى الامم المتحدة كان مخطئا لأن النقطة الثلاثية بين لبنان وقبرص واسرائيل كانت نقطة خلافية. حتى الخط المرسوم بين لبنان وقبرص في ال 2007 فيه أخطاء تقنية اذ ان قبرص استولت على حوالي 200 كلم مربع من حصة لبنان. الفريق الذي فاوض قبرص في 2007 لم يكن تقنيا، والموضوع لم يكن مأخوذا على محمل الجد في حينه. يجب الاخذ بعين الاعتبار الحدود المتعرجة في حين ان الاتفاق جرى على اساس الخط المستقيم أي لا مهنية وحرفية في ترسيم الحدود البحرية. ومن المفترض اعادة النظر في اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين، وهذه أول خطوة نحو المسار الصحيح. من هنا أهمية مناقشة الاتفاقية بين لبنان وقبرص في مجلس النواب للموافقة.

وعن أهمية الترسيم مع قبرص بالنسبة للحدود البحرية بين لبنان وسوريا، قال ياغي ان الاتفاقية بين لبنان وقبرص من المفترض أن تسهّل مسألة الترسيم البحري بين لبنان وسوريا لأنه كما هناك نقطة ثلاثية بين لبنان وقبرص واسرائيل، هناك نقطة ثلاثية بين قبرص وسوريا ولبنان شمالا. حين يتم الاتفاق على هذه النقطة الثلاثية يصبح الترسيم الحدودي البحري بين لبنان وسوريا سهلا.لكن، الاهم الانتباه الى النقطة الثلاثية لأنه في الخارطة السورية للمنطقة الاقتصادية الخالصة السورية، يدخلون في المياه اللبنانية بنحو 600 كلم مربع.وبالتالي، لا بد من البحث العميق في الاحداثيات التي اعتمدها السوريون.واذا كانت النوايا حسنة، فالترسيم لن يستغرق وقتا انما يبقى التخوف من عدم الوضوح في التفاوض. ونشدد على أهمية الترسيم التقني والعلمي بعيدا عن العواطف والسياسة. ولفت الى ان الرقعة رقم 8 تقع في حدودنا البحرية مع اسرائيل بالاضافة الى بلوكات 9 و10. البلوك 9 ملزم لتوتال التي يجب تعديل الاتفاقية معها، والبلوك رقم 8 ملزم لائتلاف Total Energy وقطر للطاقة و ENI الإيطالي.

يقرأون الآن